_ قال الشيخ يوماً ( بتصرف ) :
من رحمة الله العظيمة بالإنسان أنه لم يمكنه من الاطلاع على الغيب ،
وإلا لحدثت مفاسد عظيمة في الحياة ، منها على سبيل المثال :
لو اطلع إنسان على الغيب ، فعلم أنه سيصبح وزيراً ، أو تاجرا كبيرا ،
أو شخصية مرموقة في طول البلاد وعرضها ، لأفضى به هذا الإطلاع إلى أن يعطل طاقاته ،
ويهدر مواهبه ، فلا يجد ولا يجتهد ، ولا يعمل ، ولا يبذل أي مجهودٍ ،
بل إنه سيركن إلى ما انكشف له من أمر الغيب ، وما سيؤول إليه أمره ولو بعد سنين !!
وفي المقابل :
وقل مثل هذا ، في إنسان اطلع على الغيب ، فعلم أنه سيصبح قاتلاً ، مجرما ، منحرفاً ،
وسيقبع في السجن سنين طويلة وربما كان مصيره الإعدام على جرائمه !! ...
ترى ماذا ستكون ثمرة هذا الاطلاع ، بالنسبة لهذا الإنسان ، الذي قد علم أن هذا ما سيؤول إليه
أمره ، وستنتهي به قصة حياته على هذه الأرض !!؟
إن الحياة ستفسد كثيراً فوق ما هي فاسدة الآن ، مع أن الغيب لم ينكشف للناس !!
فجهل الإنسان بالمستقبل وما سيكون عليه أمره ، يدفعه إلى العمل ، وبذل الجهد ،
والتفكير والتخطيط ، والمحاولة الدائبة ، والتشمير في العمل ، والسعي في الطلب ،
وهو خلال ذلك على خوف ورجاء !
هذه واحدة .. والثانية :
أنه لو اطلع الناس على غيب بعضهم البعض ، وما في القلوب من ألوان الأمراض :
من حسد وبغض وكراهية ، وحقد وبغضاء ونحو هذا .. فكيف سيعيش الناس إذن ،
وكل منهم قد عرف ما في قلب الآخر ، وما يحمل له وعنه ..!؟
إذن لما صلحت الحياة ، ولتقاطع الناس ،،
فوق ما هم متقاطعين ، مع أن الغيب لم يطلع عليه أحد من بشر !!
ولله در القائل :
فكم لله من لطـف خفى ** يدق خفاه عـن فهم الذكى
وكم يسرٍ أتى من بعد عسر ** ففرج كربة القلب الشجى
وكم أمر تساء به صباحا ** فتاتيك المسرةُ بالعشــى
إذا ضاقت بك الأحوال يوما ** فثق بالواحد الأحد العلـى
فسبحان الله رب العالمين .. كم لله من نعمٍ عظيمة وهم لا يشعرون ..!
كتبها بو عبدالرحمن