اختي الغالية..
إن من أهم أسباب الراحة القلبية ... (( الرضا ))، فإذا كنت تريدين أن يرضى الله عنك عليك أن ترضي بما قدّره لك من بلاء ومصائب (فقدان الولد، المرض، ظلم الناس والمقربين منك والهجر ...) عليك أن تؤمني أن هذا كله من عند الله من صنع الرحمن الرحيم، فالله لا يريد بك شرا هو ارحم بك من أمك وأبيك، فارضي واطمئني انه يدبر الأمر إلى نهاية وخير يرضيك، فدعي الأمر لله ولا تحملي هما (ولسوف يعطيك ربك فترضى) ...
يقول الشيخ "سعيد الكملي : { .. للأمور مقادير، حدود، أزمان تقع عندها، فلا تستعجل شيء قبل حلول زمانه الذي قدر له، فمن فهم هذا لم يعترض بعد على قدر ربه.. عمر ابن عبد العزيز رحمه الله كان من دعائه يقول ( اللهم إني أسألك الرضا بما كتبت حتى لا أحب تعجيل شيء أخرته ولا تأخير شيء عجلته ) أي أن أرضى بما عجلت لي وما أخرت لي، لأنه يعلم وانتم لا تعلمون، فإذا رضيت بما قسم الله لك، فاعلم انك أويت إلى من هو أرحم بك من أمك وأبيك، فلا يصنع بك إلا ما فيه الخير لك، فاقنع وارضى واطمئن إلى صنعه .. فقط، إلجأ إليه واطمئن إلى صنعه..
يقول الله في سورة التغابن (( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) ))، يقول العلماء أن العلاقة بين الجملتين: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) و ( وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم إنها من عند الله فيطمئن لذلك قلبه، لأنه يعلم أن الشر المحض ليس من فعل ربنا سبحانه والنبي عليه الصلاة والسلام يقول في دعائه (الخير كله بيديك والشر ليس إليك)، فإذا صرّفك ربك في ابتلاء وتذكرت أنه منه وهو الذي عرّفك بأول صفة له وأبداها لك من صفاته هي (الرحمان الرحيم) في قولنا (بسم الله الرحمن الرحيم) فتذكرت هذا عند نزول المصيبة فتطمئن أن هذا صنع الرحمن الرحيم ... فلا تطلب تعجيل شيء ربنا سبحانه سبق في علمه لحكمته البالغة أن وقته لم يحن بعد، فلكل أجل كتاب .. ترك الاستعجال والاطمئنان والركون الى ما قدر الله لعبده الراضي بقضائه كما في الدعاء النبي صلى الله عليه وسلم به وارشد اليه .. (رضيت بالله ربا) .. اذا رضيت بالله ربا، فقد رضيت بما يكتبه لك وما ينقلك فيه وبما يصرفه عليك، كل ذلك تلقاه بالرضا، فاذا كنت تلقى شيئا من ذلك بالسخط، فأنت لم ترضه ربا وان زعمت انك رضيته ربا، وان كنت لا ترضى مما قدر لك الا ما يبدو لك الخير فيه أو الحكمة فيه، فأنت حينئذ رضيت بقلك ربا ولم ترض بربك ربا، فلو رضيت بالله ربا لركنت إلى كل ما يأتيك منه وليس شيء إلا يأتيك منه .. }
أما من ظلمك واخطأ في حقك ووانت بحاجة له ولك حق عليه فقابلي إساءته بالعفو والاحسان فهذا سيريح قلبك .. والله يقول ((إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) )) سورة النساء
ويقول: ((وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )) سورة البقرة / 237
ويقول الله تعالى : ((وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) سورة التغابن / 237
ويقول الله تعالى : ((وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) )) سورة فصلت
وإن أردت بادري أنت بالسؤال عنه ولوميه لوم محب وذكريه انه راع مسؤول عن رعيته ..
ولا تشغلي بالاً فأغراضك ستعود لك ... بيتك، زوجك وطفلك الذي سيأتي ان شاء الله لأنها لك بالأساس..
اسأل الله أن يصلح ذات بينكم ويجمع شملكم ويؤلف بين قلوبكم ويجعل حياتكم مودة ورحمة ..