وقد بينت الدراسات أن الأشخاص الذي توقفوا عن التدخين وهم في سن الثلاثين، فبإمكانهم الاطمئنان بوجود فرصة لتقليل احتمال إصابتهم بالسرطان في مرحلة لاحقة من حياتهم. أما بالنسبة لأولئك الذين يتوقفون عن التدخين وهم في سن الخمسين، فتفيد الدراسة إمكانية إصابتهم بالمرض الخبيث بمستوى 50 بالمائة، ويذكر أن الدراسة التي بدأت عمليا عام 1951 ، شملت مراقبة الأوضاع الصحية لأكثر من 34 ألف شخص في جميع أنحاء بريطانيا.

أظهرت الدراسة الجديدة أن ظهور سرطان الرئة لن يكون فورياً، بل مع مرور السنين تزداد خطورة الاحتمالات بالإصابة. كما تبين أن تعرض الأطفال لدخان التبغ من حولهم يزيد من فرص إصابتهم عند البلوغ بنسبة 3.6 مرة أكثر، ويذكر أن تعرض الأطفال للتدخين السلبي اليومي يضاعف فرص الإصابة عما هي عليها عند غيرهم من غير المتعرضين. ويقول الدكتور مونافو إن مخاطر التدخين خلال فترة الحمل معروفة وموثقة، وهي تتضمن معدلات وفيات أعلى للأطفال الرضع حديثي الولادة، وارتفاع معدلات الالتهابات في الجهاز التنفسي، إلى جانب نقص الوزن عند الولادة.
يقول الأطباء الأمريكيون إن الأبحاث التي أجريت مؤخرا أشارت لارتباط التدخين بأمراض عديدة لم تكن مدرجة من قبل على قائمة الأمراض المرتبطة بتلك العادة ذات الأثر السلبي الكبير. وقد قدم الطبيب الأمريكي ريتشارد جارمونا، قائمة بالأمراض الجديدة التي يعتقد أنها مرتبطة بالتدخين والتي تتضمن سرطان الدم، وعنق الرحم، والكلى والبنكريا والمعدة، وبعض أمراض العيون وفقر الدم. وكذلك سرطان المثانة، والمريء والحنجرة والرئة والفم، وتتضمن قائمة الأمراض التقليدية المرتبطة بالتدخين، بعض أمراض القلب والرئة وبعض المشاكل الخاصة بالإنجاب.
لقد أكد الجراح الأمريكي العام ريتشارد كارمونا، أن استنشاق أي كمية من التبغ من قبل مدخنين سلبيين، يحدث لهم أضراراً صحية. وقال: إن الجدل حسم حول هذه القضية، والعلم أصبح قاطعاً، فالتدخين السلبي لم يعد أمراً مزعجاً، بل خطراً صحياً حقيقياً، ويلقى عشرات الآلاف حتفهم كل عام من جراء التدخين السلبي، وهو ما أثبته تقرير حديث بلغ حجمه 670 صفحة.
المعروف عن التدخين أثره على زيادة صلابة الشرايين، وعندما تضييق الشعيرات الدموية في منطقة الحوض ينقطع تدفق الدم إلى العضو الذكري، ويمكن للتدخين أن يسبب تضييف الشرايين في العضو الذكري نفسه. ويقول علماء أمريكان إن الرجال المدخنين، الذين يعانون من مرض ضغط الدم، معرضون للإصابة بالعجز الجنسي ستاً وعشرين مرة أكثر من غير المدخنين، وحتى المدخنون سابقاً، الذين يعانون من ضغط الدم العالي، معرضون للعجز الجنسي إحدى عشرة مرة أكثر من غير المدخنين. وحسب الإحصائيات التي يقدمها الدكتور جودفري فاوللر من قسم الرعاية الصحية الأساسية في جامعة أوكسفورد في بريطانيا فإن حوالي مئة ألف رجل في عمر الثلاثين والأربعين في بريطانيا يعانون من عجز جنسي بسبب التدخين.
نقلت مجلة BMC المتخصصة في بيولوجيا الخلايا عن باحثي جامعة كاليفورنيا قولهم إن تأثير التدخين السلبي على الأشخاص مماثل لذلك التأثير الذي يخلفه التدخين على المدخن نفسه. وقد كشفت الدراسة النقاب عن أن التدخين السلبي يمكن أن يقلل من سرعة التئام الجروح. وأوضح الباحثون أن الخلايا تصبح أكثر تماساً لأن التعرض للتدخين يغير تركيبها الكيميائي. وإلى جانب خفض سرعة التئام الجروح فإن التدخين قد يتسبب في ظهور ندبات جروح غير طبيعية لدى المدخنين السلبيين، حيث تتركز الخلايا عند حافة الجرح، بحيث تمنعه من الالتئام بشكل سليم، هذه الأنسجة شديدة الحساسية بالنسبة لأي تأثير خارجي. فإذا ما لامست مادة خارجية، فإنها ستتوقف عن النمو.
قوة الإسلام في علاج هذه الظاهرة
انظروا إلى العالم الغربي وقوانينه وكيف يتخبط كل يوم ولا يصل إلى علاج لهذه الظاهرة، بينما نجد الإسلام عالج هذه الظاهرة منذ بداية نشوئها. فقد حرم الإسلام الضرر حسب القاعدة الرائعة (لا ضرر ولا ضِرار). والتدخين هو ضرر للمدخن وللمجتمع وللبيئة.
كذلك فإن التدخين هو نوع من أنواع المخدر التي تفقد الإنسان السيطرة التامة على نفسه، وقد حرم الإسلام كل شيء يؤدي إلى اضطراب نفسي. والتدخين هو انتحار بطيء وقد حرم الإسلام الانتحار وقتل النفس، يقول تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29]. والتدخين هو نوع من أنواع التهلكة التي حرمها الإسلام، يقول تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195].
ولذلك فإن تعاليم القرآن والسنة كافية بالنسبة للمؤمن ليمتثل أمر الله ويمتنع عن التدخين، بينما نجد علماء الغرب يطلقون التحذيرات وينفقون المليارات، ولكن دون جدوى، إذاً الإسلام هو الدين الذي يدعو لخير البشرية وسعادتها.

التدخين يسبب 50 مرضاً مؤكداً: في مقالة نشرتها الديلي ميل أكد الباحثون أن التدخين قد يسبب أكثر من خمسين مرضاً خطيراً، منها سرطان الرئة وسرطان الجلد وسرطان الفم، واضطرابات عمل القلب وارتقاع ضغط الدم والجلطة الدماغية. وقد كشفت الدراسة الجديدة وجود علاقة بين التدخين وسقوط الشعر أو الصلع المبكر! وتؤكد الدراسات أن هناك دليلاً علمياً قاطعاً على أن التدخين السلبي يسبب أمراض القلب وسرطان الرئة وقائمة بأمراض أخرى. وطالب التقرير بتخصيص مبان وأماكن عامة خالية تماما من التدخين، مشيرا إلى أن تخصيص أماكن للمدخنين لا يؤمن الحماية الكاملة لغير المدخنين.
خطوات عملية لترك التدخين
1- التغيير هو أهم خطة تتخذها لترك الدخان، فالله تعالى يقول: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11]. فينبغي عليك أن تغير نظرتك للدخان فتعتبره وباء ومرضاً لابد من التخلص منه.
2- الدعاء بإخلاص: وهذا ما حدث عندما أقلعت عن التدخين، فقد كنتُ أدعو الله بإخلاص أن يعينني على ترك الدخان، وسبحان الله، بدأتُ حينها أكره هذا العمل وهذه كانت البداية على طريق ترك الدخان. فقد كنتُ أعلم يقيناً أن كل شيء بيد الله، وهو القائل: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنعام: 17]. فهذا الضر لن يكشفه إلا الله تعالى.
3- محاولة الابتعاد عن المدخنين قدر المستطاع، مع محاولة الإقلاع نهائياً وتكرار المحاولات لأن بعض المحاولات قد تفشل فلابد من الاستمرار بالمحاولات ولا تقل حاولت وفشلت، بل قل سأستمر في المحاولة حتى يُذهب الله عني هذا الشر.
4- الإدمان مجرد وهم! فلا تتخيل أنه ليس باستطاعتك أن تقلع عن هذه العادة السيئة، بل إن أسهل شيء هو أن تترك التدخين، ولكن مع التوكل على الله والبدء بحفظ القرآن وتدبره وتأمله والإكثار من قراءته، وتذكر حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه). وهذا ما حدث معي فقد كنتُ ذات يوم من المدخنين وعندما نويت تركه لوجه الله، أبدلني الله خيراً منه ألا وهو القرآن، فهل هناك أجمل من أن يكرمك الله بحفظ كتابه!
ـــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل