خواطر رحلة العمرة 3
ليس كل أرضٍ يصلحها قطر السماء.. ولكن إذا استصحلتْ صلحتْ ..
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا .. ) ..
أما الأرض المهيأة الطيبة ، فيكفيها اليسير لتهتز بالرواء والخضرة ..
(.. كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا فَطلّ .) !
**
لو أنك صدقت الله فلن يخيبك ، وحاشا أن ترجع عن بابه حسيرا خائبا ..
وعلى قدر صدقك يعيطك ، ويمنحك ويكرمك ..
حرك مواجيد الصدق في قلبك كل حين ، ومع كل عمل ..
إن لم تصب هذه الساعة ، أصبت في ساعة أخرى ..
**
كرر ربنا سبحانه في كتابه الكريم وأعاد في :
ذكر آلائه ونعمه ومننه على عباده ..
ولوّن العبارة .. وتفنن في العرض .. وأبدع في الأسلوب ..
كل ذلك ليستجيش مشاعر الحياء في قلبك منه ،
وليحرك مواجيد الحب له في سويداء فؤادك ..
فخبرني بالله عليك :
هل وجدت هذا أو ذاك ، وأنت تمر بمثل هذه الآيات قراءة أو سماعا ..؟.!
إن هبت على قلبك تلك النسائم ، فأنت أنت ، وإلا فاستأنف المحاولة من جديد .
فإن ما ينتظرك ، يستحق أن تعيد الكرة المرة بعد المرة ..!
**
أتحسب أن الله نسيك أو غفل عنك ، أو غابت عنه حاجاتك ، أو يحتاج منك إلى تذكير ، أو ينتظر منك اقتراح !!
إن مسّ قلبك شيء من هذه الأمور ، فأعلم أنك بحاجة إلى تطهير شديد ، حتى تزول عنك هذه السموم ، وترتفع عن وجه قلبك تلك الأوساخ ، فإنها والله حائلة بين قلبك وبين الأنوار ..!
إن وجودها في قلبك معناه أنك لم تعرف الله بعد ، مهما طنطنت وتفلسفت !
**
حين يعلو صوت الهوى في داخلك ، يؤزك أزاً إلى ما يرغب ، ثم أنت تستعلي عليه ، وتكف كف كفه ، من أجل الله : فأنت حينئذٍ من عباد الله القليل ..!
جاهد نفسك في هذه الدائرة ، والفشل مرات لا يعني أن تستسلم ، والنجاح مرة لا يغني عن مواصلة المجاهدة ، واستمرار المراقبة ، وأخذ جانب الحذر !
**
لو ابنجست عيون الشوق في أرض قلبك ، بشكل جيد ..
لهان عليك والله ما تبذل من جهد في طاعة الله عز وجل ، لأن الشوق حامل ..!
ألا ترى أن المشتاق لا يستطيل الطريق الموصل إلى المحبوب ، بل هو يجد الطريق يطوى له وإن طال ..!
ثم هو لا يجد ثقل الخدمة من أجل من يحب ، بل إنه يستطيب بذل كل جهد يوصل إليه ، فهل تجد رياح ذلك ذلك قد هبت على قلبك ..!؟
**
لا تقف على ظاهر أحوال الناس ، وتوغل إلى ما وراء البراقش ..!
فرب إنسان لا يملأ عينيك منظره ، يكون في الحقيقة من خيرة أولياء الله سبحانه .
ورب إنسان يملأ المجالس مهابة وجمالاً وامتلاءً وغروراً ، وهو لا يزن عند الله عز وجل بعوضة..!!
في الحديث : رب أشعث أغبر مدفوع على الأبواب ، لو أقسم على الله لأبره..!
إنما الميزان : الطاعة والتقوى والإقبال على الله سبحانه ..
ما عدا ذلك مما يتباهى به الناس ، ويدور على ألسنتهم في المجالس ، فارمه وراء ظهرك ، أو دس عليه بعقب نعلك ..!
( .. قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ) ..
**
ألا ترى أن الإنسان إذا اشتدت به الهموم ، يصبح ويمسي ولديه ما يشغله عن حديث الشهوات ، ناهيك عن متابعتها ، وإسقاط النفس عليها !؟
ولو كانت الآخرة شغل قلبك وهمه الأول ، لكان حالك حال ذلك الرجل المهموم
ولكن ...!!
ولكن لأن الآخرة لم تعد شغل قلوبنا الشاغل ، تيسر على الشيطان أن يتلاعب بها ، ويملأها بهموم صغيرة لا تنتهي ، بل لا تزال تتجدد كل يوم !!
**
كتبها بو عبدالرحمن