حوار بين قلم وورقة !
أنّ القلم الرصاص أنينا شديداً ، من جراء ضغط الأصابع التي تمسك بخناقه ، وتركض به في سرعة ملحوظة .. همست الصفحة البيضاء الممدوة تحت سنه :
ما لك تئن يا صاحبي ؟ أنا أحق بالأنين منك ..!
قال القلم :
ألا ترين هذه الأصابع الثقيلة التي تخنقني بشدة ، وتسحبني وراءها حيث شاءت ، فلا أنا أستطيع الوقوف ، ولا هي تخفف من ضغطها عليّ ..!
قالت الصفحة البيضاء :
لا تتحامق أيها الحبيب .. ساعة صبر وقد مضت الشدة .. !
ثم أنك لهذا ( خُلقتَ ) وهذه وظيفتك ، فاصبر تنل ما تستحق من التكريم ..!!
ثم اسمعها مني مدوية !! :
لو أن كل شيءٍ رفض أن يقوم بوظيفته ، واختار أن يقوم بما يهوى ، لخربت الدنيا من أولها إلى آخرها في ساعة من ليل أو نهار ..!!
قال القلم ساخطاً :
بل سأحاول أن أعاند ، وأصر على المعاندة ..!!
ابتسمت الصفحة البيضاء وقالت :
على نفسه يجني الأحمق دائماً ..! إنك إن أبيت فلن تكون نهايتك إلا أن تصبح حطبا للنار ، بدلا من أن تكون نوراً للفكر ..!
أعرض القلم بوجهه عنها ، وأصر على موقفه ، فكان يتعمد أن يكسر سنه مع كل حركة ..!!
غضب الكاتب _ بعد عدة محاولات لإصلاحه __ ثم لم يجد بداً من أن يكسره بعصبية ، فجعله شطرين اثنين ، ثم ألقاهما في المدفأة الملتهبة القابعة بقربه ..!!
انتهت القصة .. وبقي حديث القلب للجوارح .. قال لها :
والآن .. أيتها الصواحب .. هل استوعبتن الدرس ؟؟!
أشفقن على أنفسكن حتى لا تصبحن وقودا لنار تلظى ، تذيب الجبال لو وقعت فيها ..!!
هزت كل جارحة رأسها في فزع وهلع .. وهتفن بصوت واحد :
إن شاء الله .. أيها الحبيب .. !
فالأحمق من لم يستوعب هذا الدرس ..! لن ترى منا إلا كل خير . فما اصعب أن نكون وقودا لنار تأكل الأخضر واليابس .؟!
قال الكون : وماذا عنكم يا معشر العقلاء ..؟!
******
كتبها بو عبدالرحمن