إياك أعني واسمعي يا جارة..!
= =
كانت مجموعة من الأسماك تعيش في بحيرة هادئة حياة هانئة آمنة..
ثم ظهرت فيهن بعض السمكات يطالبن بالحرية ، والخلاص من هذا القبر المائي !
وزعمن أن هذا الماء يخنقهن ، وأنه لابد من التمرد عليه ، بدأت الدعوة همساً ،
ثم انتقلت من أذن إلى أذن ، حتى أصبحت عويلاً وبكاء ، لهذا الوضع المهين الذي يعشن فيه ، وأخذت الأصوات ترتفع أن هذا الماء يحول بينهن وبين حريتهن ، وبين استنشاق الهواء الطيب ، والاستمتاع بنور الشمس ..!!
هبت الدعوة كالإعصار ، فتحركت كثيرات مع التيار ، ولم يبالين أن يدسن على نصائح الكبار وتحذراتهم .. وأعرضن عن كل كلمة تريد أن تحول بينهن وبين نيل حريتهن كما يرينها ، ويردنها ..!
ومضى الركب كالعاصفة ، واستطاعت تلك المجموعة أن يهتكن هذا الحجاب المائي ، وأصبحن على الشاطئ تماماً ..!!
تهللن في فرح ، وأخذن يتقافزن في ابتهاج ونشوة ، ويرقصن في حبور ،
ويهنئن بعضهن بعضا بالأعناق لهذا الانتصار الذي لم يحقق مثله أحد ..!!
وما درت هذه العقول الصغيرة أنها فرحة الموت ،
فإنهن ما لبثن سوى لحيظات ، فإذا بهن خامدات خموداً لا قيام بعده !!
وكان يسير على الشاطئ صياد شاب ، فرأى هذا الزحف ، ثم رأى هذا الهمود ، فأخذ يجمعهن في سلته ، ليبيعهن في السوق ..!!
لقد كانت الدعوة إلى الحرية ، دعوة إلى الموت في الحقيقة !!
وكانت الدعوة لمخالفة الطبيعة ، إنما تعني إرادة الخروج من مصطلحات الكون التي وضعها الله سبحانه ، فكانت العاقبة وخيمة !!
وكما قال المثل العربي : جنت على نفسها براقش !!
قالت السماء : إياكِ أعني واسمعي يا جارة !!!
كتبها بو عبدالرحمن