عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2008-07-20, 12:18 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
خواطر رحلة العمرة 2


**

أدرْ فكرك كثيراً في آلاء الله ، وصور إحسانه ، وألوان نعمه ، عليك وعلى الخلق من حولك ، وعلى الحياة بأجمعها ..

كرر ذلك المرة بعد المرة ، حتى تنبجس عيون المحبة في غور قلبك .. تسعر بذلك شعورا قويا يملأ عليك عقلك وقلبك وحسك ..

قال تعالى : (.. فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ..

**

كان مبدأ قصته صلى الله عليه وسلم أن حبب إليه الخلوة في الغار ، الليالي ذوات العدد يبقى متفكراً متأملاً ، يقلب ناظريه ، ويدير فكره ، ويلتمس المدد ، وينتظر الفتح ..فلم يلبث أن جاءه الفرج ، وتوالت فتوح السماء عليه بعد ذلك ، بما أعانه على أن يُخرج العالمَ من حوله من الظلمات إلى النور ..!

والإشارة في هذا المشهد :

ضرورة أن ينقطع الإنسان عمن حوله ، ويخلو بربه ، ويدير فكره ، ويتأمل شؤونه ، ويقلب أموره ، في ساعة يشعر معها كأن الكون كله ، وما فيه قد مات ، ولم يبق سواه مع ربه !

إن لهذه الانقطاع بين الحين والحين ، آثاره الكبيرة ، وثمراته الواضحة ، وبركته على حياة هذا الإنسان ..

والذين ذاقوا هذا الكأس يخبرونك !

**

لما هوى آدم إلى الشجرة ، هوى إلى الأرض ، ليعاني شدائدها !

وكلما هويت أنت إلى معصية ، فإنك تهوى إلى قاع ذل ونكد وضيق صدر ،

تشعر بذلك في جلاء ، على قدر صفاء قلبك ..

أما موتى القلوب ، فما لجرح بميت إيلام !

**

جبريل الذي سد الأفق بصورته ، وقلب قرى قوم لوط بجناح من أجنحته ، تضاءل يوم المعراج ، وتداخل وانكمش حتى صار كالحشف البالي ، وقال لو تقدمت خطوة لاحترقت !

وتقدم محمد صلى الله عليه وسلم ، متألقاً ما زاغ البصر وما طغى ، واخترق حجاب النور ، وأدناه ربه وقربه وكلمه وأكرمه ..!

يا له من مشهد جليل عظيم ، يريك عظمة هذا النبي الكريم ، وعلو مكانته عند ربه عز وجل ..

فالحمد لله الذي جعلنا من أمته ، ونسأله سبحانه ، أن يؤهلنا لحسن متابعته ، لنحظى برؤيته وقربه يوم نلقاه على الحوض .. اللهم آمين

**

قال الراوي :

رأيته عند اسطوانة من اسطوانات المسجد يبكي ويداري دمعه ، وفوجئ بي بقربه كأنما هبطت عليه من السماء ! واستحلفته عما يبكيه .. فقال :

كان لي قلب فضاع ، فأنا ابكي على فراقه ، شوقا إليه ، لعل الله يرى انكساري وحزني ، فيمن عليّ برجوعه خيرا مما كان ..!

فألجمني ما قال ، لأني لم أشعر قط أن لي قلباً ، حضر أو غاب !

**

إذا كنت ترى الطائعين مشمرين بجد إلى الله سبحانه ، وأنت في معزل عنهم ، لم تتحرك نفسك لتنافسهم فيما هم فيه ،

فاعلم أنك محروم ، وجدير بك أن تبكي على نفسك !

فإن أضفت إلى ذلك :

أن رؤية الفاسقين تهيجك للسير في طريقهم ، وترسم خطاهم ، أو تمني ما هم فيه ، فاعلم ساعتها أنك مقطوع ..!

فاجتهد أن تستدرك لعلك وعساك ..!

**

قال لي شيخ جليل ذات يوم :

لا تبك لذنبك ! بل ابكِ لأنه قطعك عن ربك سبحانه !

وإن كنت باكياً للذنب مرة ، فابكِ عشراً لانقطاع قلبك عن مولاك الكريم !

**

إذا ذاق القلب قرب الرب ، رق وراق ، فإن أصابه الشيطان بسهم ، تسبب في بعده عن ربه ، جن جنونه ، وقامت قيامته ، وأخذ في النواح !

وأما القلوب المريضة أو الميتة ..فلا تستشعر شيئا من أطايب هذه الجنة المُعجلة !




كتبها بو عبدالرحمن