عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2008-07-19, 6:43 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي ( الفـراعنــــة الصـغـــــــــار ....!! )
( الفـراعنــــة الصـغـــــــــار ....!! )


- - - -

شر الناسِ من لا يسلمُ الناسُ من شره ، ومع هذا تجدهُ يتبسمُ لهم في بلاهةٍ..!!
رئيسُ العمل الذي يمط ابتسامته حتى تملأ وجهه ، أثناء لقاءاته الشهرية والدورية بموظفيه ،
وهو يحدثهم عن الديمقراطية ،والحرية ، وحرية التعبير ، وضرورة المشاركة ،
وأهمية سماع الطرف الآخر .. وهلم جرا ..

ثم لا تكون الترجمة العملية لهذه الشعارات ، إلا بوضع نعليه الكبيرتين فوق رؤوسهم ،
ولسان حاله يقول : ما أريكم إلا ما أرى ..!!

وكل موظف يدخل عليه ، وهو يحمل قلباً كقلب موسى عليه السلام ،
مشبعا بالحب ، والإخلاص والصدق والنصيحة الخالصة ، فلا يلقى من هذا الجالس
على كرسيه الدوار ، إلا صلافة فرعون وجبروته ، وتمرده على الحق ، وبطره على الناس ،
وكراهته للنصيحة والناصحين ، واستعلائه على الجميع ، ينظر إليهم من علٍ عالٍ ،
ولا يدري المسكين أن الدخان كلما علا كثيراً ، تبدد في الهواء !!!

شأن رئيس العمل هذا شأن كثيرين في مواقع مختلفة من ميادين الحياة ..

وهذه نماذج:
في أكثر بلاد العالم ، نرى حاكماً أذاق الناس المرارة والويلات ، واراهم نجوم الظهيرة ،
ثم تجده قد قلب الشريط فجأة !!
فإذا هو يتزلف لهم ، ويدغدغ مشاعرهم ، ويطيب خواطرهم ، ويعدهم الوعود الوردية ،
ويحدثهم عن خطط مستقبلية تفيض عليهم بالخيرات ..!!

وتعجب وأنت ترى ذلك !!
فإذا عرفت سبب هذا الانقلاب زال عجبك ، إنها طبول الانتخابات في بلده !!
فلابد أن يظهر لهم بمظهر الخليفة الراشد !! الزاهد في الأضواء والنجومية ،
المحب أشد الحب لشعبه ، الخادم لهم ، المضحي من أجلهم !!
ومن ثم يحرص على الظهور كثيرا ليلوح لهم بخطة مضمونة النتائج ،
لرفع معاناة الشعب المطحون ( مع أنه هو الذي صنع تلك المعاناة !! ) ..
ويعدهم برغد العيش ، وبمزيد من الحريات ، ويبدأ يتودد ويعد ويمني ويطلقها صيحات أمل ..!!

ويصدق أكثر الناس ، ويتهامسون :
لعل الرجل أفاق من سكرته ، وعاد إليه وعيه ، والتوبة تجب ما قبلها ، وهذه الشعارات التي يرفعها
كفيلة بتغيير الأمور ،
ويتهامسون أيضا : امنحوه فرصة أخيرة لعله يعود للحظيرة ..!!
ثم إن ذئباً تعرفه خير من اسد تجهله ..!!!
ونحو هذه الهمسات التي تدفعهم إلى تصديق ما يسمعون ..
وتكون النتيجة :
أن ينجح الرجل بامتياز ، وما هي إلا ليلة وأختها ، وإذا بريمة تعود لعادتها القديمة ، وشعاره :
كلامُ الليل مختومٌ بشمعٍ ** يذوب الشمع إذا طلع النهارُ !!

وقد يظهر هذا الفرعون الصغير :
في صورة رئيس شركة ، أو رئيس مجلس إدارة ، أو مدير مدرسة ، أو حتى وكيل مدرسة ،
أو مسئول في ركن من أركان وزارة ، أو حتى معلم في فصله !!

بل ما أكثر ما تصل هذه الصورة إلى داخل جدران البيت ، وهي أبشعها وأمرها على الإطلاق ،

فإذا الطاغية هذه المرة يتمثل في صورة أب ، وفد لا يكون مفتول العضلات ،
ولكنه بلا شك فاقد العقل ، معدوم الضمير ، تستفزه الكلمة ، وتثيره الحركة ،
وتزلزله النصيحة من زوجة أو ولد ، فإذا هو يرعد ويبرق ، ويحطم ويثور ،
لا يبالي أن وقع على الموت أو وقع الموت عليه !!
وتصبح هذه الزوجة المنكسرة وسيلة لممارسة طغيانه ، وتفريغ شحنات غضبه ،
ويمسي هؤلاء الصبية الصغار بين يديه ألعوبة يتلهى بها ،
ويمتهنها لأتفه الأشياء ، وعلى أتفه الأسباب ، لا ينبض قلبه بقطرة رحمة ،
وليس على شفتيه إلا ألوان من أقذار الكلام ..!!

ثم تجده هو هو بشحمه ولحمه وعصبه ، بين أصحابه يتحدث عن
الحرية و والحضارة ، والديمقراطية والاشتراكية ، و الملوخية أيضاً ..!!!

ومثل هذا وهؤلاء وعلى طريقتهم :
محرر في صحيفة أو رئيس تحرير في مجلة أو جريدة ، يزخرف لك القول ، ويبهرج الكلمات ،
حول ضرورة الاستماع للآخر ، وإتاحة الفرصة له ليعبر ويقول وينتقد و..و.. الخ
ثم أنت تراه يترجم ذلك عمليا بصورة مخالفة تماماً ، لما يقوله ويردده في المحافل !!

إن على هؤلاء جميعاً _ وعلينا نحن معهم _ حتى نتخلص من أمراض نفوسنا جميعها :

أن نكثف عرض أنفسنا على الله سبحانه ، نناجيه ، نكثر من ذكره ، ونبتهل إليه ، نتضرع إليه ،
نبكي بين يديه ، نشكو إليه شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ،
نلح عليه أن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، ولا أقل من ذلك ، وإلا سنضيع ..
ونسأله أن يلهمنا التقوى والمراقبة له ،
وأن يزكي نفوسنا فهو خير من زكاها ، هو وليها ومولاها ،
ونعرض أنفسنا على كتاب الله عز وجل ،
وعلى سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ، ونجهد أنفسنا أن نتأسى بهذه السيرة العطرة ..

هذه هي أفضل وأقوى وأنجع وأنجح جرعة للخلاص من هذه الأمراض ، وبالله التوفيق ..

على نفسه فليبكِ من ضاع عمرهُ ** وليس له منها نصيبٌ ولا سهمُ



كتبها بو عبدالرحمن