عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 2017-09-23, 4:07 PM
نورمـــان
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية نورمـــان
رقم العضوية : 72487
تاريخ التسجيل : 24 - 2 - 2009
عدد المشاركات : 526

غير متواجد
 
افتراضي


هناك حديث في صحيح مسلم يأخذ بمجامع قلبي، لاأحبه فقط بل أعشقه كثيرا..وأكتب عنه كثيرا..وأحدث من أحب عنه ..
عن عائشة رضي الله عنها قالت : " لما كانت ليلتي التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها عندي، انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظنّ أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج، ثم أجافه رويدا، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره، حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعتُ، فهرول فهرولتُ، فأحضر فأحضرتُ، فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل، فقال مالك: (يا عائش حشيا رابية) ؟، قلت: لا شيء، قال: (لتخبريني أو ليخبرنّي اللطيف الخبير) ، قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرتُهُ فقال: (فأنت السواد الذي رأيت أمامي) ؟ قلت: نعم، فلهدني في صدري لهدة أوجعتني، ثم قال: (أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله) ؟ قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله؟ قال: (نعم) ، قال: (فإن جبريل أتاني حين رأيتِ، فناداني فأخفاه منك، فأجبته فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعتِ ثيابك، وظننتُ أن قد رقدتِ، فكرهتُ أن أوقظكِ، وخشيت أن تستوحشي، فقال: إن ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم) ، قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: (قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون) " رواه مسلم .



هذا الحديث..
أكبرمن كلماتي..
لكنه أكثر حديث يجعلني أتنسم عبق الحجرات..
بل أراها بجدارها الطيني..وجبريل يتنزل عليها ليلا ..بأمر سماوي..
هذا الأمر يتعلق بثلة من الناس غادروا الدنيا..لكنهم مكرمون عند ربهم..فأخرج لهم نبيه في تلك الساعات المتأخرة ..ليقف على قبورهم ليلا..ويرفع يديه مستغفرا لهم..
ثم جبريل عليه السلام لايدخل البيت ..حياء من عائشة رضي الله عنها وقد وضعت ثيابها..والنبي صلى الله عليه وسلم لايوقظها مخافة أن تستوحش..فأي أخلاق هذه ..وأي رحمة هذه..
ثم هو لايعاقبها..بتلك الغيرة التي أدركتها..بل ينبهها ويوضح لها الموقف كاملا ثم يتجاوزه لتعليمها دعاء يبقى إلى ساعتنا هذه نقوله عند المرور بالقبور..

ثم صدق عائشة رضي الله عنها وهي تحكي الحديث..دون أن تزخرفه وتنمقه..
كأنها تقول لسنا ملائكة بل بشر يعترينا أحيانا مايعتري كل انسان من لحظات سوء الفهم وغيره..
..,لكن العبرة بكيف يتم التعامل مع هذه اللحظات ...وكيف نحافظ على أصل المودة والمحبة والرحمة.
وكأن في الأمر رسالة لكل انسان..
لكل أسرة..
لكل زوجين..
لكل طالب علم....

الحديث هذا ينقلني من عام 1439..إلى أعوام مابعد الهجرة النبوية..فأقف على مزارع المدينة ..بنخلها الشامخ..وأرى عن بعد مسجدا طينيا تحيط به حجرات وبيوت..
وتدوي عبر تلك السماء البعيدة..آيات عذبة..
يرتلها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم..وورائه صفوف من الصحابة ..
في مشهد ..لايوازيه أغلى مشاهد الدنيا..ولو عظمت.




.