الأم لها مكانتها المميزة في الإسلام ، وقد أولى لها الشرع اهتماماكبيرا ، وخصها بالفضائل والمكرمات ، جميعنا نحفظ هذا الحديث ، عندما "جاء رجلٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله،من أحق الناس بحسن صحابتي؟، قال: (أمك) ، قال: ثم من؟ قال: (أمك) ، قال: ثم من؟ قال: (أمك) ، قال: ثم من؟ قال: (أبوك) متفق عليه
وهذه مقولة دائم ترددها ألسنتنا : الجنة تحت أقدام الأمهات ،
لو نظرنا نظرة سريعة في المجتمع الغربي وطريقة عيشهم وطبيعة حياتهم منذ الولادة حتى الوفاة لوجدنا التفكك الأسري قد طغى عليها ،
فما أن يبلغ الطفل سناً معينة ، حتى يستقر ويعتمد على نفسه في تدبيرأمور حياته ، وقد تمر شهوراً عدة وربما سنوات ، وهو لم يرى أمه أو أبيه أو حتىيسمع صوت أحدهما ،
وطبيعي أن تتمنى أماً من أمهاتهم ، أن ينادي أحد يوما ما بعيد الأم ،
وأن يكون لها يوماً خاصا بها في السنة تجتمع بأولادها ويقدمون لهاهدية ربما تكون هي الهدية الوحيدة التي تتلقاها منهم كل سنة ،
وقد قرأت كثيراً عن قصص إسلام البعض حين رأى ابناً يخدم أباه أو أمهويعاملهم كالملوك ،
أما في مجتمعاتنا العربية فالحال يختلف ،
فالطفل منذ نعومة أظفاره يكون بين أبويه ، يتربى على مكارم الأخلاق ،وينهل من معين الأدب والوفاء ، فيرى أبويه مهتمان بجده أو جدته ،
ثم يشتد عوده ، وتكبر أحلامه ، وتكون له أسرة ، لكنه في المقابل لنينسى فضل من علمه ورباه ، وأوصله إلى ما هو عليه الآن ، من الرفاهية والطمأنينةوسلامة العقل والنفس ،
ربما الملاحظ حاليا في مجتمعاتنا العربية أن الأحوال بدأت تتغير وتهويللأسفل إن لم يتم تدارك الأمر قبل فوات الأوان فإن المصير سيكون مؤسفاً ،
عندما بحثت عن قصة عيد الأم وبداية ظهورها في وطننا العربي وجدت أن ( بدأت فكرة الاحتفال بعيد الأم العربي في مصر على يد الأخوين "مصطفىوعلي أمين" مؤسسي دار أخبار اليوم الصحفية.. فقد وردت إلى علي أمين ذاته رسالةمن أم تشكو له جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، وتتألم من نكرانهم للجميل.. وتصادفأن زارت إحدى الأمهات مصطفى أمين في مكتبه.. وحكت له قصتها التي تتلخص في أنها ترمَّلتوأولادها صغار، فلم تتزوج، وأوقفت حياتها على أولادها، تقوم بدور الأب والأم، وظلتترعى أولادها بكل طاقتها، حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، واستقل كل منهم بحياته،ولم يعودوا يزورونها إلا على فترات متباعدة للغاية، فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهماالشهير "فكرة" يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة تذكرة بفضلها، وأشاراإلى أن الغرب يفعلون ذلك، وإلى أن الإسلام يحض على الاهتمام بالأم، فانهالت الخطاباتعليهما تشجع الفكرة.......الخ )
وطبعاً أنا من معارضي هذه الفكرة ، فهي فكرة دخيلة على مجتمعاتنا ،وقد توهم الطفل أن شكر الأم وتذكر فضلها يكون في هذا اليوم فقط ، ولن ننسى تحذير الحبيب صلى الله عليه وسلم من اتباعنا لليهود والنصارى
فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لتتبعن سَنن من قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ ، حتى لو سلكوا جحر ضبٍّ لسلكتموه ، قلنا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : فمن !؟ " ، رواه البخاري ( 3269 ) ومسلم ( 2669 ) .
والحقيقة كل الحقيقة ، أن الأم هي أعياد أيام السنة كلها ، هي سعادتهاوفرحها ، وهي مثل ما أوصى بها رسولنا الكريم أحق الناس بحسن صحبتنا ، هي والأب طبعاً ،
ولكن ماذا عن فرحة الأطفال ؟
الطفل ، في ظنه ، أن هذا يوم خاص ، الكل يهدي لأمه ، يسعى ويتسابق مع أقرانه ليكون الأفضل ، يفاخر بعدها أمامهم بأنه المتميز بينهم ،
هو مجرد طفل ، وقد تشبع عقله الصغير بهذه الفكرة ، بفضل معلميه وأقرانه ،
إن الطفل يتميز بالطهر والبراءة ،
وغرس القيم فيه يكون باللين والرفق ، وليس بالتهديد والوعيد وكسرالخاطر ،
سأحكي لكم عن قصتي مع أختي والتي أتت ثمارها اليوم ،
كانت تأتي قبل يوم أو يومان من يوم عيد الأم وتقول ، معلمتنا قالت .....،معلمتنا أوصتنا...... الخ
فتأتي إلي وتأخذ رأيي فيما تهديه لها ، طبعاً كنت أعطيها رأيي وأتركهاوفرحتها ،
كانت هي الوحيدة التي تهدي لأمي في هذا اليوم بالذات ،
ولن تتخيلوا فرحة الأم وعظم ذلك الموقف ، تقول لها : أمي هديتك بمناسبة عيد الأم ،
في يوم ما أخبرتني صديقتي بفكرة أعجبتني كثيراً ، كانت تتفق هي وأخواتهاالمتزوجات على أن يخصصن يوماً من أيام اجتماعهن في بيت الأهل ، يعملن مفاجأة لأمهن ، حفلة بسيطة يعني مثل حفلات التخرج ،أو المناسبات ، سفرة تورتة هدايا ألعاب أناشيد...الخ ،
ولا يتقيدون بيوم أو شهر محدد ، أما عيد الأم المعروف فليس له ذكر ،
فكرة جميلة قررت تطبيقها ، وساعدني فيها الجميع ، أبي وأخواني وأخواتي، وكل هذا من دون علم ست البيت ونوره وحنانه ،
ذلك اليوم لايزال محفورا في الذكرة ،
ولا يمكنني وصف سعادة أختي ..خصوصاً أنه كان في نفس يوم عيد الأم ،حسب ما أرادت ،
وعدتها أن نكرر هذه الحفلة ،
مرت الأشهر
وكانت قبل فترة من الآن تقوللي : الحفلة ، أقول لها تحتاج تخطيط وترتيب ، وان شاء الله نعملها قريب ،
مرت أسابيع لم تذكر فيها عيد الأم مثل ما كانت زمان ( تذكره دائماً تخططله ) ، وبالأمس كانت بجانبي ، وأذكر أنها ( فزت ) من مكانها ، قالت اليوم عيد الأم، والحفلة !
قلت لها ، مو لازم نعملها بنفس اليوم ،
بعدها ، فاتحتها بالموضوع ، حكيت لها عن قصة عيد الأم ، وحكيت لها عن التفكك الأسري الحاصل في المجتمعات الغربية وما وصل إليه حالهم ، فكثير منهم لا يذكرون أمهم إلا في هذا اليوم ، قد لا يرونها أو يسمعون صوتها إلا في هذا اليوم ، فلم نقوم بتقليدهم ، كانت تستمع إلي وهي غير مصدقة ،
وسألتها بم أوصانا رسول الله في أمهاتنا ؟ قالت : أمك ثم أمك
بينت لها أن أمي هي أعيادي وفرحتي في يومي هذا وجميع أيامي ، ولا نخصصلها يوماً واحداً فقط ، ولا نهتم بسعادتها في هذا اليوم فقط ، بل في كل يوم وكل ساعة ،
طبعاً أيدت قولي وأخذته بقوة ،
( وبالنسبة للحفلة فهي ستقام مثل ما وعدت وفي أي وقت، على شرف والديناالعزيزين حفظهما ربي)
لا أعلم إن كانت طريقتي صحيحة أو لا ،لكني وجدتها الأنسب ،
فأطفالنا وإخوتنا صغاراً وكباراً ، أمانة في أعناقنا ،هم زينة الحياة الدنيا ،
قلوبهم طاهرة ، وأنفسهم صادقة ،هم يقلدون فقط ،
وعندما تقنعهم بالحسنى ، يستمعون إليك بكل صدق ،
فقط كن صبوراً معهم ،
وإلا فقدتهم ، وبحثوا عن غيرك يفهمهم ويحن عليهم ..