جدتي الغالية ،
لن أنساها ماحييت ،
كانت تملأ البيت بضحكاتها وابتساماتها ، رغم آلامها و مرضها الذي لم يرحم جسدها ،
مرضها وكبر سنها ( بلغت التسعين ) جعلها تنسى الكثير حتى بناتها وأولادها لا تعرفهم ، إلا أنا ، تعرفني من بعيد ،
تأبى أن أجلس بعيدا عنها ،
عندما تراني تقول لي ، مكانك هنا ، على سريرها ،
أجلس بجانبها وتبدأ في المزاح والضحك ، ولا أسلم من مشاغبتها ، وأهددها اني سأجلس بعيداً عنها ، تقول لي ، لا لا وينقلب وجهها ، أضحك وأبدأ أنا بالمشاغبة ،
عندما أغيب عن البيت يوما أو أيام لا تهدأ حتى أدخل غرفتها ،
عندما أمرض أو أحد آخر من أهلي يمرض تأبى إلا أن تدخل غرفنا حتى تطمئن علينا ، بعد خروجها من الحمام ،
لكن عندما لم تستطع المشي لا يهدأ لها بال حتى ترانا أمامها،
هي حقا كانت نور البيت ،
وفرحه ،
وبسمته ،
وبرحيلها تغير كل شيء ،
ولا اعتراض على حكم الله ، وقضاء الله ، فالحمدلله رب العالمين ،
بعد وفاتها كنت دائما ما أراها في منامي ،
لحظات سعيدة ولحظات حزينة ،
كنت مستغربة من هذا الشيء ،
لكني فهمت في النهاية ،
طوال حياتها كانت تهتم بتماسك العائلة وأن يكونوا يداً واحدة ، بناتها وأولادها ، ولم تكن تسمح بحدوث أدنى مشكلة ،
وحتى بعد وفاتها لاحظت ذلك ،
عندما تحدث مشكلة أراها في منامي ، حتى انها مرة شكت لي أن رأسها يؤلمها وكنت أحاول أن أخفف عنها ،
ومرة تطلقت بنت عمي فرأيتها مستلقية حزينة ،
وعندما تحدث مناسبة سعيدة زواج أو غيره أراها فرحة مسرورة وتضحك من قلبها ،
مر شهران تقريباً لم أراها ،
وهذا ما يحزنني ،
فبرؤيتها تهدأ نفسي ،
غفر الله لك جدتي الغالية ، كنتي كالنور في حياتي ،
رحم الله ضحكة لا تنسى وبسمة لا تغيب عن البال ، رحم الله وجهاً كان يشع نوراً وفرحاً
غفر الله لك جدتي وأسكنك فسيح جناته ،