سئلت أحدى الإخوة والأخوات الشيخين السحيم والعويد عما ذكرت فأجابان
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك
غالب ذِكْر قص الأنبياء في القرآن هو على الترتيب الزمني .
وقد يَختلِف بِحسب السِّيَاق ، أو بِحسب موضوع السورة ونحوها .
والترتيب الزمني دلّتْ عليه بعض سياقات تلك القصص ، فمثلا :
قوله تعالى على لسان هود عليه الصلاة والسلام : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) يَدل على الترتيب .
وقوله تبارك وتعالى على لسان صالح : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ) يَدل على الترتيب أيضا .
وقول شعيب عليه الصلاة والسلام لقومه : (وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) يَدلّ على أنه أتى بعدهم .
كما أن موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام كانا بعد إبراهيم ، ويَدلّ عليه قوله تعالى : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) .
ومما يَدل على أن داود عليه الصلاة والسلام كان بعد موسى قوله تعالى في قصة قَتْله لجالوت (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ) وفي الآيات التي قبلها (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا) فَدَلّ هذا على الترتيب الزمني أيضا .
والذي لم يُذكَر في السؤال هو وُجود المعاصرة بين الأنبياء ، فإن رسالات الأنبياء لم تكن للناس كافة ، ويَدلّ على هذا :
قوله عليه الصلاة والسلام فيما فُضِّل به : كان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس كافة . رواه البخاري ومسلم .
وقوله عليه الصلاة والسلام : كانت بنو إسرائيل تَسُوسُهم الأنبياء كلما هلك نَبِيّ خَلَفَه نَبِيّ . رواه البخاري ومسلم .
فكان في الأمم السابقة يُوجَد النبي في أمة ، والآخر في أمة أخرى .
وممن تعاصروا من الأنبياء :
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق عليهم الصلاة والسلام .
داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام .
موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام .
يحيى وزكريا وعيسى عليهم الصلاة والسلام .
وغيرهم ، لما سبق ذِكْرَه .
أما أول الأنبياء فهو آدم عليه الصلاة والسلام بلا خلاف .
وآخرهم محمد عليه الصلاة والسلام بلا خلاف .
روى الطبراني في الأوسط والحاكم وابن حبان من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رجلا قال : يا رسول الله أنبي كان آدم ؟ قال : نعم ، مُعَلَّم مْكَلَّم . قال : كم بينه وبين نوح ؟ قال : عشر قرون . قال : كم كان بين نوح وإبراهيم ؟ قال : عشر قرون . قالوا : يا رسول الله كم كانت الرسل ؟ قال : ثلاث مائة وخمس عشرة جماً غفيرا .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .
وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح .
وبين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام " إدريس " كما ذكره المؤرِّخون .
ونوح هو أبو البشر الثاني ؛ لأن ما بعده من الأنبياء من ذريته ، ثم من ذرية إبراهيم .
قال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ) .
وقال تعالى : (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ) .
وللاستزادة حول أنساب الأنبياء وتسلسلهم يُراجَع كتاب " مختصر أنساب الأنبياء والرُّسُل الكرام من أبي البشر آدم إلى محمد الخاتِم " تأليف : محمد أحمد ياسين الخياري .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ عبدالرحمن السحيم
سئلت أحدى الإخوة والأخوات الشيخ العويد عما ذكرت فأجاب
الجواب :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
هذا النقل أختي الفاضلة ، من كتب القصص التي لم تستند على أدلة صحيحة أو آثار مؤكدة
وإنما هي توقعات وتخمينات ذكرها بعض أهل القصص الذين استقوها من الإسرائيليات التي أمرنا بعدم تصديقها أو تكذيبها ، ولذا فمثل هذه الأعمار مما لا ينبغي تصديقه حتى يثبت بالدليل القاطع أنها صحيحة .
وللعلم فالإثبات وصحة النقل هو من خصائص هذه الأمة التي شرفها الله بالقرآن والسنة الصحيحة التي توارثها الأجيال جيلاً بعد جيل ، وأما الأمم السابقة فهي عارية عن النقل بسبب تحريف مصادرها ، فهم ينقلون الصحيح والكذب ولا يستطيعون التفريق بينهما ، والذي ينبغي علينا ألا نستعجل بنقل كل ما نراه في كتبهم حتى نتأكد منها .
وليس في كتب السنة المعتمدة حسب علمي ذكر لولادة وموت الأنبياء بالتواريخ ، والمعروف لدينا هو تأريخ النبي صلى الله عليه وسلم وعمره .
وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح ونفع بكم
والله أعلم
الشيخ محمد العويد