الموضوع: سوء الظن
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2017-01-02, 8:10 PM
باقيه على حالها
Guest
رقم العضوية :
تاريخ التسجيل :
عدد المشاركات : n/a

 
افتراضي
2- سوء الظّنّ بعباد الله؛ وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن سوء الظن بإخواننا المسلمين؛ لما فيه من إثم مبين وذنب عظيم، فقال سبحنه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾.

قال ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى ناهيًا عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخوُّن للأهل والأقارب والناس في غير محله؛ لأن بعضَ ذلك يكون إثمًا محضًا، فليُجتنب كثيرٌ منه احتياطًا".

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسّسوا، ولا تجسّسوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا".

وكلّ من رأيته سيّىء الظّنّ بالنّاس طالبا لإظهار معايبهم فاعلم أنّ ذلك لخبث باطنه وسوء طويّته؛ فإنّ المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه، والمنافق يطلب العيوب لخبث باطنه.

نفوس تتحَطّم... وبيوت تتهدّم... وأسَرٌ تتشرّد... وصِلاتٌ تتقطع... وأعراض تتهم... وصُورٌ مضيئة تشوَّه... ومجتمعات تتردّى... والسبب: سوء الظن!..

وَعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ ♦♦♦ وَلَكِنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا

ومن عرف النفس البشرية في ضعفها ونسيانها وغفلتها وذهولها قدّمَ الاعتذار على التهمة، والتسامح على المؤاخذة، وحسن الظن على سوء الظن..

مخاطرُ سوء الظن وآثارُه:
ويكفي سوء الظن قبحا وسوءا أنه من صفات الجاحدين والمنافقين:
وما منع الناس أن يستجيبوا للحق، ويتبعوا الرسُلَ إلا عنادهم واستكبارهم وسوء ظنهم... قال تعالى عن قوم هود: ﴿ قالَ الْمَلأ الذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ ﴾.

وقال تعالى عن قوم نوح: ﴿ فَقالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ ﴾.

وقال تعالى عن فرعون: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً ﴾.

وقال تعالى عن مدين قوم شعيب: ﴿ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ ﴾.

وقال عز وجل عن المنافقين من هذه الأمة: ﴿ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ﴾.

سوء الظن سبب في التخلق بمساوئ الأخلاق وقبيح الخصال:
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل).

وقال ابن القيم رحمه الله: (الشح فهو خلق ذميم يتولد من سوء الظن وضعف النفس ويمده وعد الشيطان).

وقال المهلب رحمه الله: (التباغض والتحاسد أصلهما سوء الظن، وذلك أن المباغض والمحاسد يتأول أفعال من يبغضه ويحسده على أسوأ التأويل).

سوء الظن سبب في الأحقاد والضغائن، وسبب في العداوات والنزاعات:
فإن الظن السيئ (يزرع الشقاق بين المسلمين، ويقطع حبال الأخوة، ويمزق وشائج المحبة، ويزرع العداء والبغضاء والشحناء).

قال ابن القيم رحمه الله: (أما سوء الظن فهو امتِلاءُ قلبهِ بالظنون السيئة بالناس، حتى يَطفحَ على لسانه وجوارحه، فهم معه أبداً في الهمز واللمز والطعن والعيب والبغض، يبغضهم ويبغضونه، ويلعنهم ويلعنونه ويَحذرهم ويَحذرون منه ... خارج منهم مع الغش والدغل والبغض).

سوء الظن سبب في كثير من المشاكل العائلية، والصراعات الأسرية:
فكثيرا ما يقع النزاع والخصام، وقد يقع الفراق، نتيجة سوء الظن بالأقارب والأحباب، وبعد لحظات يتبين لمُسيءِ الظن أن الأمر على خلاف ما كان يظنه.

فإذا كانت الغيرة على الأحباب في أصلها محمودة؛ فإنها قد تكون مذمومة إذا كانت نتيجة سوء ظن، يؤذي بها المحِبّ محبوبه ويوغر عليه صدره، ويبغضه ويكرهه ويخاصمه، وقد يؤذيه ويسيء إليه.