عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2008-06-25, 10:00 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي الأقلون عددا ، لماذا لا تكون منهم !؟

الأقلون عددا ، لماذا لا تكون منهم !؟

= = = = =



أحياناً تكون التجربة القاسية المؤلمة ، مشحونة بخير ، وصاحبها يتأفف !!

يقع على الإنسان بلاء على صورة من الصور، فإذا هذا البلاء نفسه خير معين لهذا الإنسان في مستقبل حياته ، ليسير سيرا صحيحا ، بعد أن كان يتخبط على غير هدى !

وكلما حاولت نفسه الأمارة بالسوء أن تجره إلى منعرجات الطريق ، مرة أخرى بعد أن خرج من أزمته ، يتذكر تلك التجربة القاسية المؤلمة ، فيلزم نفسه أن تعود إلى الجادة ، وتبقى عليها ، مهما شق عليها السير على هذه الجادة ..!

بمثل هذه المسألة ونحوها :

يتجلى لنا كم في تقدير البلاء من ألوان الرحمة ، لو كنا نفقه عن الله أحكامه ..!

وما قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام ، وما جرى عليهما من ألوان البلاء ببعيدة .. بل وما قصة موسى والخضر عليهما السلام ببعيدة كذلك ..

ألسنا نقرأ هذه القصة كل جمعة ، ربما لنجدد مثل هذه المعاني في قلوبنا فلا تُنسى ، وحتى تبقى في مقدمة الشعور ، لا تبرح دائرته ، فإذا ادلهمت الأمور علينا على غير ما نحب ، وجدنا أنفسنا في تمام الجاهزية ، فنتلقاها بتوفيق من الله ، برحابة صدر ، وموفور إيمان ويقين وثقة بالله ، لأن القرآن الكريم كان قد هيأ نفوسنا ، لتلقي مثل هذه الصدمات ، ليصنع منا أناسا غير عاديين ، في زمن غير عادي !!

فهل نجد أنفسنا نقرأ كتاب الله سبحانه بهذه الروح ، أم أنها ألسنة تدور ، وقلوب لا تعي ما تسمع ولا ما تقرأ !!

وشيء آخر له علاقة بهذه المسألة .,.,

هل تستطيع أن تحول كل سلبية تقع عليك أو منك ، إلى أمر إيجابي تستثمره ، وتبني عليه ، فإذا بك تصنع من الخل عسلاً وشهدا ..؟!

إذا نجحت في ذلك تكون قد ضمنت بعون الله تعالى ، أن تعيش طيب النفس ، قرير العين ، مطمئن القلب ، رضي الروح ..!

بينما الدنيا من حولك تغلي غليانها ، وأهلها يضطربون ولا يكادون يهدأون !

تقع في هفوة ، أو ينزل بك ما لا تحب ،

أو يؤذيك أحد السفهاء ، أو تشكو من أمر ،

أو لم تتحقق لك أمنية ، أو .. أو ...الخ

عليك أن تتوقف مع نفسك لحظات ، وترفع رأسك إلى السماء ، ثم تعود إلى نفسك لتقول لها :

إن الله جل شأنه لا يبتلي عبده المسلم لإهانته أو للعبث به ، أو للانتقام منه ، فليس بينك وبين الله ثأر ..! بل هي حكمة يعلمها ولا تعلمها .

فهو إنما يسلط عليك سوط بلاء ، ليرى ردة فعلك على ما يواجهك مما لا تحب في تقلبات حياتك .. ومن ثم :

فعليك أن تفكر قبل أن تقدم على أية خطوة ، أو تحكم بأي حكم ، تفكر هل يمكنك أن تحول هذا الأمر السلبي ، إلى أمر إيجابي تنتفع به ، ويقربك من الله سبحانه ، قلب الأمر جيداً ، كما يقلب الطباخ طبخة يتعب فيها ، ليلتذ بها فيما بعد ، وأعد النظر مليا فيما وصلت إليه ، وانظر إلى ذلك الأمر من زوايا مختلفة ..

وأحسبك بعون الله تستطيع ذلك ، فإذا نجحت في هذه الخطوة :

فاعلم أنك تكون قد ولجت دائرة التميز الحقيقي في هذه الدنيا ، فالمتميزون في هذه الدائرة أقل من الكبريت الأحمر ..!

يتحدث كثيرون عن ألوان متنوعة من التميز ..ولكن دائرة التميز هذه هم الأقل عددا .. ( وقليل من عبادي الشكور ) فلما لا تكون واحدا من هؤلاء ...!؟

ويلزمك هنا أن تحمد الله كثيرا وطويلا ، فإنك في نعمة لا يدرك قيمتها إلا العارفون بها ، وستكتشف هذه القيمة مع تكرار التجربة ، وستذوق طيباتها التي تجعلك تتألق باستمرار ، وقد تصل إلى الحد ،ى الذي يراك الناس فيعجبون منك ، في الوقت الذي تنظر إليهم وتتعجب منهم كيف يتعجبون مما أنت فيه ، وما الذي يحول بينهم وبين أن يتذوقوه كما تتذوقه .!

أما الثمرة الكبرى ، والقيمة الحقيقية ، والمفاجأة التي سيطرب لها قلبك :

فيوم يُحشَر الناس لرب العالمين ، حيث ترى تلك المواقف نفسها ، قد تحولت إلى أمثال الجبال الهائلة من الحسنات البيضاء ، تقول لك : هنيئا ..!

ولعلك يومها تود لو كانت ساعات عمرك كلها ، كلها على تلك الشاكلة من الابتلاءات التي لا تتوقف .. !

غير أنا نقول _ كما علمنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم _ :

اللهم إنا نسألك العفو والعافية ، في الدين والدنيا والآخرة ..

وعلى هامش هذه المعاني أقول : ..

كم يملأني العجب حين أقرأ قول القائل _ وما جرى مجراه _

إذا كان هذا الدمع يجري صبابة ** على غير ليلى فهو دمع مضيع !

فأقول :

بل إذا كان هذا الدمع يجري ، على غير هذه المعاني الراقية ،

فهو والله دمع مضيع ، وقد يكون صاحبه مأزوراً لا مأجوراً . ..!

نسأل الله أن يكرمنا بكرامة عباده الصالحين في الدنيا والآخرة ..

**







كتبها بو عبدالرحمن