· أما استدلالهم بقوله – صلى الله عليه وسلم - : " وهو ثان رجليه – قبل أن يتكلم – " ليس فيه دليل على أن الثواب متعلق بالمكث في نفس المكان الذي وقعت فيه الصلاة ، فإذا غير مكانه فإنه انتفى عنه الأجر ، وإنما فيه الحث والمبادرة والإسراع بهذا الذكر المخصوص بعد صلاة الفجر ليحترس به من الشيطان ، قال ابن مفلح - رحمه الله - : " ولهذا مناسبة ، ويكون الشارع شرعه أول النهار والليل ليحترس به عن الشيطان فيهما"[22].
· عدم وجود الدليل الصحيح الصريح على انتفاء الأجر لمن تحول من مكانه إلى موضع آخر في المسجد، والأجر أثبته النبي – صلى الله عليه وسلم - لمن ذكر الله بعد صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، ثم صلى ركعتين !! . قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - : " إن ما ورد عن الشارع مطلقاً فإنه لا يجوز إدخال أي قيد من القيود إلا بدليل ، لأنه ليس لنا أن نقيد ما أطلقه الشارع " [23]
· في هذا القول تيسير على كثير من المسلمين خاصة لمن كان يشعر بألم في ركبتيه أو ظهره ، لأنه سينتقل إلى مكان آخر من المسجد ليذكر الله بطمأنينة وحضور قلب ، ومن جهة أخرى في هذا القول مراعاة لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – " لا ضرر ولا ضرار "[24]، إذ أن احتباسه في مكان واحد دون استناد لجدار أو حائط لفترة طويلة يضر ببدنه ضرراً بيناً ، لذلك نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – الصلاة بحضرة الطعام أو عند مدافعة الأخبثين مراعاة لأداء الصلاة بخشوع وحضور قلب ، قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - : " إن المدافعة تقتضي انشغال القلب عن الصلاة ، وهذا خلل في نفس العبادة ، وترك الجماعة خلل في أمر خارج عن العبادة ، لأن الجماعة واجبة للصلاة ، والمحافظة على ما يتعلق بذات العبادة أولى من المحافظة على ما يتعلق بأمر خارج عنها ، فلهذا نقول : المحافظة على أداء الصلاة بطمأنينة وحضور قلب أولى من حضور الجماعة أو الجمعة " [25].
----------------------------------------
[1] طرح التثريب 2/367 .
[2] البش : اللطف في المسألة والإقبال على الرجل ، وقيل : هو أن يضحك له ويلقاه لقاء جميلاً ( لسان العرب – مادة بشش –6/266)
[3] صحيح الترغيب 1/319 .
[4] شرح الزرقاني 1/326 .
[5] مواهب الجليل 2/74 .
[6] الاستذكار لابن عبد البر 6/210 .
[7] فتح الباري لابن رجب 6/40 .
[8] طرح التثريب 2/367 .
[9] فتح الباري حديث رقم 674 .
[10] عمدة القاري 4/204 .
[11] مرقاة المفاتيح حديث رقم 971 للملا القاري .
[12] شرح الزرقاني 1/326 .
[13] عون المعبود 4/117 .
[14] كوثر المعاني في كشف خبايا صحيح البخاري لمحمد الخضر الشنقيطي 7/175 .
[15] النوازل الكبرى 1/553 .
[16] المنتقى 2/292 حديث رقم 378 .
[17] مجموع فتاوى ومقالات 11/403
[18] مجموع الفتاوى 22/335-337 .
[19] الشرح الممتع 2/52 .
[20] شرح مسلم 6/21 .
[21] الشرح الممتع 4/340 .
أبو عبدالعزيز سعود الزمانان