عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2016-10-02, 5:14 PM
نورهـــ
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية نورهـــ
رقم العضوية : 42311
تاريخ التسجيل : 19 - 12 - 2007
عدد المشاركات : 905

غير متواجد
 
افتراضي
- قال الباجي – رحمه الله - " قوله ما دام فِي مصلاهُ الذي صَلَّى فيه يعني موضع صلاته ،ويحتمل ذلك وجهين : أحدهما أنها تدعو له ما دام في مصلاه قبل أن يصلي فيه منتظراً للصلاة حتى يصلي فيه ، إلا أن يحدث قبل صلاته فيجب عليه القيام للوضوء ، فلا يصلي حينئذ لجلوسه ، والوجه الثاني : أن الملائكة تصلي عليه ما دام في مكانه الذي صلى فيه جالساً بعد صلاته فيه إلا أن جلوسه فيه يكون لأحد وجهين أما للذكر بعد الصلاة ، وإما لانتظار صلاة أخرى "[16].

- الشيخ ابن باز - رحمه الله - : " سئل : هل المكوث في المنزل بعد صلاة الفجر لقراءة القرآن حتى تطلع الشمس ، ثم يصلي الإنسان ركعتي الشروق له نفس الأجر الذي يحصل بالمكوث في المسجد ؟

فأجاب : هذا العمل فيه خير كثير وأجر عظيم ، ولكن ظاهر الأحاديث الواردة في ذلك أنه لا يحصل له نفس الأجر الذي وعد به من جلس في مصلاه في المسجد ، لكن لو صلى في بيته صلاة الفجر لمرض أو خوف ثم جلس في مصلاه يذكر الله أو يقرأ القرآن حتى ترتفع الشمس ، ثم يصلي ركعتين فإنه يحصل له ما ورد في الأحاديث لكونه معذوراً حين صلى في بيته .

وهكذا المرأة إذا جلست في مصلاها بعد صلاة الفجر تذكر الله أو تقرأ القرآن ، حتى ترتفع الشمس ثم تصلي ركعتين فإنه يحصل لها الأجر الذي جاءت به الأحاديث ، وهو أن الله يكتب لمن فعل ذلك أجر حجة وعمرة تامتين ، والأحاديث في ذلك كثيرة يشدّ بعضها بعضاً وهي من قسم الحديث الحسن لغيره والله ولي التوفيق "
[17]

الترجيح :

القول الراجح في هذه المسألة – والله أعلم – أن القول الأول هو أقرب للصواب ، لقوة الأدلة من حيث ثبوتها ودلالتها على حد سواء ، أما الأدلة التي استدل بها أصحاب القول الثاني فالرد عليها كما يأتي :

· استدلالهم بالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه:" كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناً " فالرد يكون عليه من وجوه مختلفة :

- أولها : ثبت في صحيح مسلم (592) من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت : " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يقعد إلا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " وعند البخاري (850) من حديث أم سلمة – رضي الله عنها – قالت : " كان إذا سلم يمكث في مكانه يسيراً " ،وقد ذهب الإمام مالك – رحمه الله – إلى حديث عائشة وأم سلمة ، فكره للإمام المقام في موضع صلاته بعد سلامه ،وعلى أية حال فهذه الأدلة توضح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يفعل ذلك أحياناً ويمكث كثيراً في مصلاه عند عدم الشغل ، وفعل النبي – صلى الله عليه وسلم – هذا غاية ما فيه أنه يدل على الاستحباب ، لكن لا يدل على انتفاء الثواب لمن تحول عن مكانه.

- ثانيها :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " العبادات الواردة على وجوه متنوعة ينبغي أن تفعل على جميع الوجوه هذا تارة وهذا تارة بشرط أن لا يكون في هذا تشويش على العامة "[18] وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - : "إن العبادات الواردة على وجوه متنوعة ينبغي للإنسان أن يفعلها على هذه الوجوه ، وتنويعها فيه فوائد أولاً : حفظ السنة بوجوهها ثانياً : التيسير على المكلف ثالثاً : حضور القلب وعدم ملله وسآمته رابعاً : حفظ الشريعة وصيانتها " [19].

- ثالثها : في قوله " كان إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس " لا يلزم من ذلك مداومة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وإنما قد تدل على فعل ماضي وقع لمرة واحدة فقط ، قال النووي – رحمه الله - : " المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين أن لفظة كان لا يلزمها الدوام ولا التكرار ، وإنما هي فعل ماض تدل على وقوعه مرة ،فإن دل دليل على التكرار عمل به وإلا فلا تقتضيه بوضعها "[20]

- رابعها : من أصول قواعد الفقه أن فعل الرسول على وجه الذي فعله على وجه التعبد يكون للاستحباب لا الوجوب ، إلا أن يقرن بأمر ، أو يكون بياناً لأمر ، وما أشبه ذلك من القرائن التي تدل على الوجوب ، أما مجرد الفعل فإنه للاستحباب،وليس فيه اية دلالة على انتفاء الأجر لمن غيّر مكانه الذي صلى فيه إلى أي مكان في المسجد ، قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - : " من فعل شيئاً على وجه صحيح بمقتضى الدليل الشرعي فإنه لا يمكن إبطاله إلا بدليل شرعي لأننا لو أبطلنا ما قام الدليل على صحته لكان في هذا جناية على الشرع والمكلف ، وإعناة له ومشقة عليه "[21]