عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 6  ]
قديم 2008-06-20, 5:56 PM
بنت العلماء
عضو متميز بالمنتدى
رقم العضوية : 43814
تاريخ التسجيل : 14 - 1 - 2008
عدد المشاركات : 2,842

غير متواجد
 
افتراضي
فهب أن روايته في هذا الحديث أصلها عن عبد الله ، وغلط ورواها عن عبيد الله ، فالعلة إذن واحدة ؛ تكمن في ضعف عبد الله بن عمر العمري المكبر ، وهو وإن كان ضعيفًا إلا أنه كالثقة أمام ذاك المبهم الذي عارضه ، فهو بإبهام ابن أبي ذئب له أصبح أكثر حالاً في الجهالة من مجهول الحال ، بل والعين ؛ فضلاً عن عبد الله بن عمر العمري ، الذي وثقه يحيى بن معين في رواية ، ويعقوب بن شيبة ، وأحمد بن يونس ، والخليلي ، والعجلي ، وابن عدي( ) .
وعليه نقدم رواية عبد الله بن عمر على رواية هذا المبهم ؛ لأنها رجحت عليها ؛ عملاً بما تقرر لدى العلماء .
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (1/171) : (( لأن اختلاف الرواة في السند أو المتن لا يوجب الضعف إلا بشروط استواء وجوه الاختلاف ، فمتى ما رجح أحد الأقوال قدم ... )) .
قلت : وهذا ما عملناه ، وإن تنازلنا لغيرنا ، واعتبرنا عبد الله بن عمر وذلك المبهم سواء . كان حديثهما هو المضطرب بعينه .
ولا نجعل كل وجه من اختلاف الرواة وجهًا من فعله عليه الصلاة والسلام ، ولا نكون ممن قال فيهم الحافظ في الفتح (2/431) : (( وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة جعلوا ذلك وجهًا من فعله  ، وإنما هو من اختلاف الرواة ، وهذا هو المعتمد )) .
فالحديث على هذا لا يصح متنًا ولا سندًا .
وللحديث طريق أخرى عن جابر بن عبد الله  .
أخرجها ابن النجار في الدرة الثمينة في تاريخ المدينة ص (189) عن القاسم بن علي ، عن هبة الله بن أحمد ، عن أبي منصور بن شكرويه ، عن إبراهيم بن عبد الله - وهو ابن خرشيذ قوله - عن أبي عبد الله المحاملي ، عن علي بن سالم ، عن إسماعيل بن فديك ، عن معاذ بن سعيد السلمي ، عن أبيه ، عن جابر (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ  مَرَّ بِمَسْجِدِ الفَتْحِ - الَّذِي عَلَى الجَبَلِ - وَقَدْ حَضَرَتْ صَلاَةُ العَصْرِ ، فَرَقَى فَصَلَّى فِيهِ صَلاَةَ العَصْرِ )) .
وهذا إسناد ضعيف جدًا .
فيه أبو منصور بن شكرويه . قال فيه الذهبي في المغني في الضعفاء ، ترجمة (5270) ضعفه المؤتمن .
وقال في ميزان الاعتدال (6/55/ ترجمة 7198) : (( ضعفه المؤتمن ، ومشاه غيره )) .
قلت كيف مشاه ؟!وهو ضعيف جدًا .
ومن ذا الذي مشاه ولم أره ؟!
فقد جاء في ترجمته من السير (18/493-494) أنه حكَّ بعض السماع لغيره وأثبت اسمه في موضعه .
ومن كان هذا حاله ، فجدير به الترك ؛ لأنه غير مؤتمن ، ولذلك ترك القراءة عليه المؤتمن - ألا وهو الساجي - وسار إلى البصرة ، وقرأ الكتاب على غيره ، وهو أبو علي التستري .
قال . ورحل بعدي أصحابنا من أصبهان ولم يسمعوه من ابن شكرويه .
وقال ابن طاهر كما في التقييد لابن نقطة (1/39) : (( لما كنا بأصبهان كان يذكر أن كتاب السنن لأبي داود عند القاضي أبي منصور بن شكرويه ، فأردنا القراءة عليه ، فذكر أهل بلده أن سماعه ليس بصحيح ، فنظرت فإذا به مضطرب ، فسألت عن ذلك ، فقيل : إن القاضي كان له ابن عم ، وكانا جميعًا بالبصرة ، وكان القاضي مشتغلاً بالفقه ، وإنما سمع اليسير من القاضي أبي عمر ، وكان ابن عمه قد سمع الكتاب ، وتوفي قديمًا ، فأخذ نسخة ابن عمه ، وكشط اسمه ، وألحق اسمه إلى أن اتصل النسب بجده ، فلم نقرأ عليه - إلى أن قال - وكان سماعه من أبي إسحاق وابن خرشيذ قوله وغيره صحيحًا .
قلت : ابن شكرويه في إسناد هذا الحديث يروي عن ابن خرشيذ قوله إبراهيم بن عبد الله ، فهل يا ترى هذا من سماعه عنه في نسخة يرويها ابن خرشيذ قوله ؟! أم هي مجرد رواية سمعها فرواها ؟!
الأمر محتمل ، فإن كان عن نسخة محفوظة ، وطابق حفظه ما في تلك النسخة ، حكمنا بصحة سماعه ؛ لصحة تلك النسخة من طريق آخر.
وإن كان ما رواه مجرد رواية سمعها فرواها ، حكمنا عليها بالضعف الشديد ، ولا كرامة ؛ لأن راويها غير مؤتمن في سماعه ؛ فضلاً عما يرويه ، فأقل أحوال هذه الرواية التوقف عن قبولها والاعتماد عليها ، أو الاعتبار بها .
والأرجح أن يحكم عليها بالضعف الشديد ؛ لأن هذا هو الأصل حتى يظهر خلافه ، ثم أين دواوين الحديث والسنة عن رواية هذا الحديث من هذه الطريق ؟!!
ولهذه الطريق غرائب تحتم التوقف عن اعتمادها أو الاعتبار بها:
الأولى : أن فيها علي بن سالم ؛ إن كان هو المعروف بابن شوال باسم الشهر فهو ضعيف ، وإلا فلم أستطع تمييزه .
الثانية : من تلك الغرائب : إسماعيل بن فديك ؛ إن كان هو إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك فهو صدوق ، وإلا فلم أستطع تمييزه .
الثالثة : من تلك الغرائب أن معاذ بن سعد السلمي - هكذا - لم أجد له ذكرًا في كتب الجرح والتعديل بعد البحث الطويل ، وربما كان هو معاذ بن سعد، ويقال سعيد مجهول كما في التقريب .
الرابعة : أبوه سعيد السلمي كابنه ؛ لم أجد له ذكرًا في كتب الجرح والتعديل بعد البحث الطويل .
فاجتماع هؤلاء المجاهيل في إسناد واحد يروي بعضهم عن الآخر ، ويتعذر عليك الجزم بأحدهم بأنه هو فلان أو فلان - وهم في عصر الرواية - يدخل ريبة في القلب من هذا الإسناد بأنه مختلق ، وهو بهذا حديث باطل .
وقد جرى عمل المحدثين على هذا ، فهذا أبو حاتم ، كما في علل الحديث (2/130) يحكم على نظيره من الأسانيد بأنه باطل ، فيه هارون بن كثير ، يروي عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن أبي أمامة الباهلي .
فحكم عليه بأنه باطل ؛ لأنه لم يعرف من الإسناد إلا أبا أمامة .
قال أبو حاتم : هذا حديث باطل لا أعرف من الإسناد إلا أبا أمامة .
قلت : فخذ حكم أبي حاتم هذا واحكم به على هذا الحديث بالبطلان ، فكلاهما سواء .
وللحديث طريق ثالث عن جابر بن عبد الله  .
أخرجه ابن شبه في تاريخ المدينة (1/58-59) من طريق عبد العزيز - وهو ابن عمران - عن سعد بن معاذ الديناري ، عن ابن أبي عتيق ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : (( دَعَا رَسُولُ اللهِ  في المَسْجِدِ الأَعْلَى يَومَ الاثْنَينِ وَيَومَ الثّلاثَاءِ ، وَاسْتُجِيبَ لَهُ يَومَ الأَرْبِعَاءِ بَينَ الصَّلاَتَينِ )) .
وإسناده ضعيف جدًا .
فيه عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز الزهري ، متروك الحديث كما تقدم .
وفيه سعد بن معاذ الديناري ، لم أجد له ترجمة .
وللحديث طريق رابع عن جابر بن عبد الله  جاء فيه ذكر مسجد الفتح .
أخرجه ابن شبه أيضًا في تاريخ المدينة (1/59) عن ابن أبي يحيي ، عن الفضل بن مبشر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : (( دَعَا النَّبِيُّ  عَلَى الجَبَلِ الَّذِي عَلَيهِ مَسْجِدُ الفَتْحِ مِنْ نَاحِيَةِ الغَرْبِ ، وَصَلَّى مِنْ وَرَاءِ المَسْجِدِ )) .
وإسناده ضعيف جدًا .
فيه ابن أبي يحيى ، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ، متروك .
وفيه الفضل بن مبشر ، وهو الأنصاري ، وكنيته أبو بكر ، قال فيه ابن عدي : (( عامة أحاديثه لا يتابع عليها )) .
وقال ابن حجر عنه في التقريب (( فيه لين )) .
وللحديث طريق خامس عن جابر بن عبد الله  .
أخرجه ابن شبه أيضًا في تاريخ المدينة (1/59-60) ، عن أبي غسان ، عن ابن أبي يحيى ، عن سلمة بن أبي يزيد ، عن جابر  : (( أَنَّ النَّبِيَّ  قَعَدَ عَلَى مَوْضِعِ مَسْجِدِ الفَتْحِ ، وَحَمِدَ اللهَ ، وَدَعَا عَلَيهِ ، وَعَرَضَ أَصْحَابَهُ وَهُوَ عَلَيهِ )) .
وإسناده ضعيف جدًا .
فيه ابن أبي يحيى ، وهو إبراهيم بن محمد الأسلمي ، متروك الحديث كما تقدم .
وفيه سلمة بن أبي يزيد ،وهو المديني ، ترجم له في التاريخ الكبير ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً .
وذكره ابن حبان في ثقاته (4/318) ، على قاعدته في توثيق المجاهيل ، فلا يلتفت إلى توثيقه كما تقدم التنبيه على ذلك .
وقد تقدم عن ابن كثير أن من كان هذا حاله فهو مستور الحال .
وللحديث شواهد كثيرة :
فشاهد من حديث أشياخ أسيد بن أبي أسيد ، جاء فيه ذكر مسجد الفتح .
أخرجه ابن شبه في تاريخ المدينة (1/58) ، عن أبي غسان ، عن ابن أبي يحيى ، عن أسيد بن أبي أسيد ، عن أشياخهم (( أَنَّ النَّبِيَّ  دَعَا عَلَى الجَبَلِ الَّذِي عَلَيهِ مَسجِدُ الفَتْحِ ، وَصَلَّى في المَسْجِدِ الصَّغِيرِ الَّذِي بِأَصلِ الجَبَلِ )) .
وإسناده ضعيف جدًا .
فيه ابن أبي يحيى ، وهو إبراهيم بن محمد الأسلمي ، متروك الحديث كما تقدم .
وفيه أيضًا أسيد بن أبي أسيد ، لم أستطع تمييزه ، فإن كان هو البراد ، فهو صدوق ، وإلا فلم أعرفه .
وفيه أيضًا إرسال أشياخ أسيد بن أبي أسيد هذا الحديث ، فقالوا إن النبي  فأرسلوه .
وهؤلاء الأشياخ على جهالتهم ؛ لإبهامهم - فإننا في شك من سماعهم هذا الحديث عنه عليه الصلاة والسلام ، أو على الأقل عن أحد من أصحابه  ، ومن كان هذا حاله ، فحديثه مرسل( ) .