( قليل من الحوار يثمر ) _ مقـدمات و .. نتائج _
مقـدمات و نتائج .. أو ( بديهيات منسية ( )
= =
حوار طويل شائق ذو شجون بين طرفين .. هذه خلاصته المركزة .. فتأمل !
- - -
_ كيفَ الطريقُ إلى السعادة ؟
_ الطريق تحت قدميك لو كنت تبصر ..!
_ فما لي لا أبصرهُ ، وأنتَ تزعمُ أنه بين قدمي ..؟!
_ لأنكَ _ مع احترامي لك _ مصابٌ بالرمد ، وعلى عينيكَ غشاوةٌ تحول بينك وبين الرؤية الصحيحة ..!!
_ سامحني ،، في هذهِ لا أصدّقكَ ، لأني على ثقةٍ أن نظري سليم مئة في المية !
_ وهل تظن أن كل ذي نظرٍ سليم ، يُبصر ؟!
_ هذه بديهيةٌ لا تحتاج إلى نقاشٍ ..
_ بل البديهية هذه هي التي ضاعتْ ، وتقرر بدلاً منها الوهم ..!!
_ أية بديهية هذه التي تعني .؟ وكيف ضاعتْ ولم يكتشفها سواك ؟؟!
_ ومن قال لك أني وحدي الذي يقول ذلك ؟!
_ لم اسمع غيرك يقول مثل هذا الذي تقول .
_ لأنك اسلمتَ أذنيكَ إلى صنفٍ من الناس ملأوا أذنيكَ بالباطل ،
وزينوا لك الضلالة ، حتى نسيتَ البديهيات !!
_ ولكن أكثر الناس في هذا العالم هذا شأنهم ، وهل أنا إلا واحد منهم !
_ وهذه بديهية أخرى ضاعت منك ، وغابت عنك ، ولما نسيها الناس انحرفوا عن الجادة ..!!
_ مع أنك لم تخبرني عن البديهية الأولى ، فلا بأس أن تذكر الثانية ..
_ أعني البديهية التي قررها القرآن الكريم كثيراً وهي :
أن قضية الكثرةِ والقلةِ لا قيمة لها ولا وزن ، فهذا نوح عليه السلام
بقي يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، ولم يستجب له إلا نفراً قليل
جداً ، فهل كانت الكثرة على الحق ، ونوح والذين آمنوا على الباطل !!؟؟
_ حاشا لله ، لم أقل ذلك ، ولا خطر لي على بال ..!
_ لو أني استعرضتُ لك من شواهد لقرآن والسيرة أمثلة ، لذكرتُ لك الكثير
مثل هذا مما يؤكد أنه لا قيمة للجماهير العريضة إذا كانت على الباطل
، وهل تساوي ملايين الأصفار إلا صفراً ؟؟! ولذا نجد القرآن الكريم
يكرر كثيراً على هذه القضية حتى تصبح بديهية في حس المسلم ،
حتى لا ينخدع برؤية الكثرة ، ولا بأصواتهم العالية ، فقد تكون وحدك
على الحق وجميع من حولك على الباطل .. المهم هل أنت على الحق حقاً !!؟
_ فكيف أعرف ذلك ؟!
_ استقمْ مع النصوص ، ودر معها حيث دارت ، وقف معها حيث وقفت ،
واسأل أهل الذكر من العلماء الثقات ..
_ هذا جيد والله ، ولكن قبل أن انسى أود أن أعود بك مرة أخرى إلى نقطة البداية :
كيف تقول أني لا أبصرْ وأنا على ثقة من سلامة عيني !!؟
_ وهذه أيضاً قررها القرآن الكريم مراراً ، وهو يربي رجال صنعوا
النهار لهذه الأمة ، يقول الله تعالى واصفاً قوم يعيب عليهم ويذمهم :
( َلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا
وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ
بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) ..
وقال تعالى : (...صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ) ...
وآيات كثيرة في مواضع متعددة من كتاب الله سبحانه ،
تقرر هذا المعنى : قد يكون المرء مفتوح العينين ،
ومع هذا فهو لا يبصر الحق فيلتزمه ، وقد تكون له أذنان كبيرتان ،
ومع هذا لا يسمع ! أعني لا يسمع الحق ، ويقبل عليه ويتعشقه ،
ومن ثم : فمن رأيتهُ معرضاً عن باب الله تعالى ، فهو أعمى لا يبصر
ولو كان مفتوح العينين ! أصم لا يسمع ، وإن انتفش ريشه ،
وكبرت شهاداته العلمية وتعددت ، فلا عبرة بتلك الشهادات
ولا تلك النياشين عند الله !
وهناك بديهيات كثيرة مثل هذه وتلك ،
نسيها كثير من الناس ، فأثمرت لهم حنضلاً ، أعني سلوكيات منحرفة بعيدة عن الحق ،
فلأن المقدمات خاطئة ، جاءت النتائج وخيمة ..! ..
( وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) ..
ولا عذر اليوم بالجهل ، فالعلم أصبح متيسر حتى للأطفال ...!!
ولكن أين المقبلون عليه !؟
_ جزاك الله عني خير الجزاء ، أحسب أنك أزلت عن عيني بعض الغشاوة التي رانت عليها .. !
كتبها بو عبدالرحمن