قليل من الحوار يثمر .. ) مثال رائع ودرس كبير ..
قال لي صاحبي وهو يحاورني :
ألا تلاحظ أن السائق يبقى دائماً مركزاً فكره على الطريق ،
ولا ينشغل بالتلهي عن ذلك ،
وإذا غفل لحظة لسبب أو لآخر ، فإنه سرعان ما يعود إلى التركيز على الطريق .
قلت له : بلى ، وأوضح ما يكون ذلك في الشوارع الرئيسية المفتوحة ،
حيث يحلو للبعض أن ينطلق بسيارته كأنما يسابق الريح !
أو في الشوارع الضيقة جداً ، حيث تتكدس السيارات كأنها في موسم حج !
ابتسم صاحبي وقال :
إذن ، إذا كنت عاقلاً فعليك أن تلتقط الدرس الكبير مما ترى وتشاهد !!
ارتسمت علامات الدهشة في وجهي ، وشرعت أبحث عن هذا الدرس ، غير أنه قال :
كما يركز السائق على الطريق ، ولا يغفل عنه ، ولا يتلهي عنه ،
فاحرص أن تجعل كل تركيزك على الهدف الذي خُلقتَ من أجله ، ليرضى الله عنك ،
في دنياك وآخراك ! أي ليسعدك فيهما معا !!
تهلل وجهي كله وأنا أسمع ما أسمع ، ثم قلت :
لعلك تشير إلى قول الله سبحانه : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )..
قال : نعم أحسنت ، هذا هو الهدف الرئيس الذي حدده خالق الناس لخلقهم ،
فالعاقل لا يتلهى عن الهدف الكبير ، بأهداف صغيرة يبتكرها لنفسه ، وينسى بها ما خُلق له !
فاجهد جهدك أن تحقق معنى العبودية لله في كل وضع تكون فيه ، على الوجه الذي يرضه الله ويحبه ،
ولا تسمح لشيء يشغلك عن ذلك ، فأنت تحقق عبوديتك لله في كل حال تتقلب فيها .
قلت على الفور :
أراك تشير بهذا إلى قول الله سبحانه :
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ..
ابتسم صاحبي وقال :
ما شاء الله ، أراك تحفظ الآيات وتجيد اقتناص الشواهد ، ولكن ما نصيب العمل لهذه النصوص في حياتك ؟!
سكتَ وسكتُ وسكتَ معنا الكون يصغي إلى هذا الحوار الشجي ..!
فعاد يقول :
فإذا حدث أن غفلتَ عن هدفك ، وشغلتك نفسك بهواها ،
فما عليك إلا أن ترجع فوراً إلى التركيز على الطريق ! مع محاولة الحرص أن لا تغفل هذه المرة ، وستغفل !!
وعلى قدر مجاهدتك لنفسك في هذه الدائرة ، تكون مرضياً عند الله ،
ولك المقام الطيب بين أوليائه وأحبائه !
فقد قالوا قديما وصدقوا :
إذا أردتَ أن تعرف مقامك ،، فانظر أين أقامك !!
وأنت بهذه المجاهدة لنفسك ليبقى تركيز فكرك على الهدف ، تكون قد قررت أن تقيم في دائرة الضوء لا تحيد عنها ،
غير أن الشيطان والنفس والهوى وزخارف الدنيا ستجهد أن تقتنصك من الطريق إلى المنحدر ، فاحذر .!
وتذكر دائماً ماذا يحدث للسائق إن هو غفل كليا عن الطريق ، وانحدرت به سيارته إلى الهاوية ..!!
= = = = = =
كتبها بو عبدالرحمن