عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2008-06-06, 6:54 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
قلت : طبعا .. هناك اشياء كثيرة أيضا عليك أن توطن نفسك عليها
لتصح لك تلك الحالة الرائعة من حرارة الندم والتوبة التي تحدثت عنها قبل قليل .
قال الشاب في لهفة : مثل ماذا ؟
قلت : منها .. أنصحك قبل أن تفتح الجهاز ، أن يكون بقربك كتاب الله تعالى ،
وقبل أن تمتد يدك لتفتح الجهاز ، بادر لتكحل عينيك ، وتعطر قلبك بكلام الله ،
تقرأ فيه صفحتين أو ورقتين ..وكأنما تستعد وتتهيأ لما أنت مقبل عليه ،
بل كأنما تتزود برصيد إيماني ضخم من أجل جولتك التي ستقوم بها
في هذه الشبكة .. وبهذا ستقدم على عملك وأنت مستضيء القلب بنور كلام الله ،
وهذا معناه أن يفر منك الشيطان ، فإنه لا طاقة له مع أنوار كلام الله سبحانه ..
ارتفع صوت الشاب حتى لقد لفت نظر من هم على الطاولة القريبة منهم :
الله أكبر .. الله أكبر .. شيء راائع .. ثم ماذا ؟
قلت : وليس هذا فقط .. لا تنس أن تجمع قلبك في أول دخولك على هذه الشبكة ،
وأنت تردد بهمة : بسم الله الرحمن الرحيم..اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم !!
...فهل يعقل أنك تقدم بهذه الروح الرائعة ، ثم نراك تتجه إلى تلك المواقع القذرة ..؟
هل يعقل أن يقدم الإنسان على ( حرام ) وهو يقول بسم الله ويدعو الله
أن يتقبل منه .. ؟ هذا ما لا يكون ابداً ..!
بدا أن الشاب يتابع وهو في حالة ذهول .. واكتفى هذه المرة بهز رأسه ..
قلت : وهذا أيضا لعله لا يكفي .. بل أنصحك أن تجعل قريبا جهاز تسجيل ،
تضع فيه صوت قارئ جيد مؤثر تجد صدى قراءته في قلبك ،
وأطلق العنان لصوت القراءة وأنت تتجول في مواقع الشبكة ، لا بأس ،
مع محاولة منك أن تتابع ما تسمع لتلتقط بين الحين والحين معنى سماوياً رائعاً
يتعطر به قلبك ، ويهز فيك روحك ..
ولا أحسب أنك ستتجرأ أن تعصي الله وآيات القرآن ترن في أذنيك ،
وتهز حواليك أجواء حجرتك ..
قال الشاب : حقا هذا لا يعقل ، ولا احسب أن مؤمنا يفعل هذا أبداً ..
قلت : لنفترض أنك مع هذا كله وجدت نفسك في حالة ضغط شيطاني
لتتجه إلى تلك المواقع القذرة ، في هذه الحالة وطن نفسك على : ..
أنك في اللحظة التي ستغلق صوت القرآن الكريم لتشرع فيما تهواه نفسك الأمارة ،
في هذه اللحظة بالذات التي ستغلق فيها جهاز التسجيل بادر على الفور
إلى إغلاق جهاز الكمبيوتر كله ..!!
بمعنى : تغلق هذا ، يعني أن تغلق هذا ، في آن واحد ..وبلا كلام !!
اعاد الشاب يرفع صوته : الله أكبر .. رااائع .. اسأل الله العون
قلت : اضف إلى هذا كله أمور في غاية الأهمية ..
منها : أن تزرع في قلبك مشاعر الحياء من الله ، اغرس فسائلها بقوة
وبشكل دائم ، فإنها إن نبتت في جذر قلبك شجرة الحياء من الله ،
فتحت لك كل ابواب الخيرات ..
قال : يا ليت .. هذه أمنية .. ولكن كيف ؟
قلت : اضرب لنفسك الأمثلة الكثيرة ، وأعدها على سمع قلبك مرارا ..
بل لا بأس أن تتحدث عنها مع الآخرين كثيرا ، حتى لو لم تتحقق بها
ولكنك تحاول أن تسمو إليها وتجاهد نفسك لتتحلى بها ..
وبدا على وجهه أمارات التعجب ، ثم قال : مثل ماذا ..؟
قلت : أمثلة كثيرة يمكنك أن تولدها بنفسك ، سأعطيك نموذجا منها ،
وعلى ضوء هذا النموذج قس واعمل على توليد أمثلة أخرى كثيرة ..
بدت على وجهه علامات الفرح .. وتزحزح كأنما يريد أن يتقدم مني أكثر ،
مع أن بيني وبينه مائدة الطعام الكبيرة ..
قلت : لو أنك كنت في حجرتك بمفردك ، وجميع أفراد أسرتك يغطون في النوم ،
وشرعت تفتح الجهاز ، وتقبل على تلك المواقع القذرة ، تتصفحها مبهوراً بها
وبينما أنت منهمك في التطلع والمتابعة والحملقة بشهوة ،
دخل عليك فجأة أخوك الأصغر الذي لا يتعدى عمره الست سنوات ،
فماذا أنت فاعل ..؟
وقبل أن يجيب ، واصلت حديثي ..
أحسب أنك ستقوم تعلمه ( الأدب ) !! ضرباً وصراخاً وانفعالا ..!
أعني أدب الاستئذان !!
والحق أن نفسك أولى بتعليمها الأدب قبل أن تعلمه الصغير !!
لماذا ؟ لأنك لا تحتمل أن يراك الصبي على ما أنت فيه من وضع مخزي ،
ولعله سينقل ما رأى إلى أمه وأبيه بل وإلى كل من يلقاه ، يقول لهم :
البارحة رأيت فلاناً يشاهد ...... و..و..و ..! أليس كذلك .. ؟
أطرق قليلا ثم رفع راسه وابتسم ابتسامة باهتة وقال : صدقت .
قلت : سبحاان الله .. سبحااااان الله ..
كيف استحييت من طفل ولم تستحيي من الله سبحانه وهو يراك !!؟
كيف أزعجك أن يراك الصبي ، ولم يزعجك أن الملائكة تراك وتسجل عليك.؟!
إذا استحضرت هذا المشهد جيداً ، فاسمع الآن هذا الحديث القدسي :
يقول الله عزوجل :
ابن آدم إن كنت تعتقد أنني لا أراك ، فقد كفرتَ ..
وإن كنت تعتقد أنني أراك فلماذا جعلتني أهون الناظرين إليك .؟!
وهالني هنا أن رايته يضع رأسه على ساعده على الطاولة ويبكي ..
وشعرت لحظتها أنني بلغت به السماء وأنه يغتسل بالنور من خلال دمعاته تلك ..
ثم قلت : على ضوء هذا المثال تستطيع أن تولد عشرات الأمثلة الواقعية
التي تزرع في قلبك الحياء من الله سبحانه ،
ولا تمل من إعادة تذكرها والتذكير بها .
ومن الأمور التي أوصيك بها :
أن ( تلح ) على الله بشكل متصل بالدعاء أن ينقذك من هذا البلاء الذي أنت فيه ..
ادع الله دائما ولا تياس ابداً ، توسل إليه باسمائه الحسنى ، تضرع بين يديه ،
تذلل له ، اسمح بدموعك ، استمر على ذلك بلا كلل ولا ملل ..
لو رايت أن الأمر طال ، واشتد ، والأيام تمضي ولا يلوح في الأفق إجابة لدعائك ..
فلا عليك .. ثق أن الله سبحانه لن يضيع هذا الإلحاح ، بل هو يحب هذا منك ،
فاستمر عليه ، ويكفي أنه أكرمك وأنعم عليك بأن حرك قلبك للدعاء بين يديه .. فإنها والله نعمة عظيمة ، فلا ينبغي أن تستعجل الإجابة ..
وثق أن الدعاء والدموع تقع من الله موقعا عظيما ..
قال الشاب بصوت خافت : أما الدعاء والبكاء فأحسب أنهما صديقاي ! ..
قلت وأنا أبتسم :
وما يديك لعل من بشائر الإجابة لك أن هيأ لك هذا اللقاء ..!
انفتحت عينا الشاب بقوة ، وفغر فاه ، ثم قال :
إن شاء الله .. إن شاء الله .. يا رب ...
قلت : وهناك شيء آخر ..لا يقل أهمية ..
اجمع آيات ( المراقبة ) في قائمة واحدة ، وكرر النطر فيها وتأملها وتدبرها ،
ورددها على قلبك كثيرا ، وليتك تحفظها حتى تستقر هذه الايات في قاع قلبك ،
فإنها إذا استقرت فعلت فعلها العجيب..
وأهم ما في الموضوع أن تقرأها قبيل شروعك في الدخول إلى هذه الشبكة ..
قال الشاب : طيب .. ممكن أن تذكر لي بعض هذه الآيات ، ثم سأتولى البحث عنها ..
قلت : حبا وكرامة .. إليك هذه الطائفة التي تحضرني الأن :
)هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا
وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
)أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)
)أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ
يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)
)وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ
إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ
فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)
)وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)
)هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ
وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ)
)الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ
بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)
)مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ)
) وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ)
)أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)
) أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ
يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)
والآيات كثيرة .. كثيرة مبثوثة في كتاب الله ..
وكون الآيات كثيرة في هذه القضية فذلك معناه أن الله سبحانه يريد :
أن يربينا على ( مراقبته ) من خلال هذه الايات ..
قلت : وتبقى أمور أخرى .. ولكني أكتفي بأمر أخير ,,
وهو أن تذكّر نفسك بأن عساكر الموت ينتظرونك ، فهل تحب أن يأتيك الموت
وأنت تتقلب بين تلك المواقع القذرة ، فيدخل عليك أهلك فيجدونك ميتاً على طاولتك
والشاشة مليئة بصور يستحي العفيف الكريم أن يراها ..
لقد قرأت أن هذا الأمر حدث مع شاب في عمر الزهور ،
مات وهو على وضعية سيئة لا يحسد عليها ، في الوقت الذي يموت فيه أناس
وهم سجود بين يدي الله ، أو في حلقة علم ، أو وهو يقرأ القرآن ،
أو في الجهاد في سبيل الله ..
فانظر إلى نفسك هل تحب أن تلقى الله على اي الصورة الأولى أم الثانية !؟
ويبقى أن اقول لك شيئا بعد هذه الإشراقات كلها ..
هذه الأمور كلها التي ذكرناها لا تعني أنك ستصبح معصوماً ،
وتتحول إلى ملاك كريم لا يعصي الله البتة ..
ليتنا نستطيع أن نكون كذلك ، ولكن سنة الله جرت على غير هذا ..
ومعنى هذا : أن الفأس قد تقع على الرأس ..!
فقد تجد نفسك رغم هذا كله في ( الوحل ) من جديد ، رغم مجاهدتك هذه ..
إذا حدث هذا .. فلا تجزع جزعاً يؤيسك من ربك سبحانه ،
أو يجعلك تدع ما أنت عليه من مجاهدة لنفسك الأمارة ، بل وطن نفسك
رغم كل شيء أن تستمر وتواصل .. تب واندم وعد إلى الله ..
ولكن .. ولكن لا تسمح لنفسك أن تمر عليها هذه الزلة بلا عقوبة !!
نعم .. بعد هذه المجاهدة كلها ، قد تقع فجأة لأي سبب كان ،
ربما على جهاز غير جهازك ، فشمر وتب واندم واستأنف من جديد ،
ولكن ، ولكن عاقب نفسك على ما حدث ..
صم يوما لله سبحانه .. أو ثلاثة ايام .. قم ليلة أو نصف ليلة .. اهجر الجهاز كله
اسبوعاً كاملا لا تقربه .. تصدق بصدقة تشعر بثقلها على نفسك ،
اعتكف في المسجد نهارا كاملا ، تملأ هذا الوقت بألوان من الطاعات ، ونحو هذا ..
ولو أنك راقبت نفسك جيداً بعد هذا .. لرايت بوضوح أنك اصبحت تتسامى مع الأيام
، وتستعلي على ( ضغط ) هذه الفتنة شيئا فشيئاً ، وأن سقوطك اصبح يقل ويقل ،
حتى يصبح نادراً .وهكذا حتى تصل إلى مرحلة تتقزز معها
حين تتذكر ما كنت تفعل ..! بل وتعجب كيف كنت تتمرغ في هذا الوحل ..!!
أسأل الله أن يحفظنا وإياك بحفظه ، وأن يرعانا وإياك برعايته ،
وأن يحمينا وإياك من شر كل ذي شر هو آخذ بناصيته ..
وأخذ الشاب يؤمن على الدعاء بنبرة متأثرة خاشعة ..ثم قال :
أعاهد الله سبحانه بين يديك أن أعمل بما تعلمته منك هذه الليلة ..
وإني أحسب أن ليلة القدر انفتحت لي هذه الليلة !
ضحكت وألححت عليه أن يدعو الله لي فإنه صاحب قلب شفاف ، وروح طيبة ..
ولم أتوقع أن هذه الكلمات ستفعل فعلها إلى هذا الحد ..
لقد غطى وجهه وأخذ في البكاء ..
= =
نسأل الله أن يحمي شباب المسلمين تحت كل سماء ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
بو عبد الرحمن