أهلا بك أخيتي،
عزيزتي، هذا الزوج الذي ترينه طيب وحنون لا أظنه طيب بمعنى الطيبة المتعارف عليها عند الناس، والسلوك الذي ترينه طيبة ما هو إلا انعكاس لشخصيته الضعيفة، ولو كان طيبا بمعنى الكلمة لما تخلى عن طفلته وقال لك ( هي حلال عليك)، فالطيب طيبة ناتجة عن تمثله لمفهوم الرحمة ومكانة من يرحم وحبه لأن يكون من زمرة ( الراحمون يرحمهم الله )، هذا الشخص لا يمكن أن يصدر منه ما صدر من زوجك.
كثير من الناس يخلطون بين الطيب وبين ضعيف الشخصية، فالطيب قد يكون رجل عسكري من الدرجة الأولى، وقائد فذ في مجال عمله، وصارم في مواضع الصرامة، ويحرص على طاعة والديه، ولكنه في الوقت ذاته يعرف حق كل شخص ولا يعطله، ويعرف كيف يوفق بين طاعة والديه وحق زوجته، يعرف معنى أن يرزقه الله أطفال فيحسن إليهم ... وغير ذلك من الصفات.
أما ضعيف الشخصية فطيبته لا تنفعك بشيء، لأنه متى ما وجد شخص قوي يقنعه بوجهة نظره سينقاد إليه، وسيحاول إظهار قوته على تلك الزوجة التي يعلم جيدا أنها تعلم بضعيف شخصيته، وتزداد الأمور سوءا إذا كانت هناك مشاكل بين الزوجة وأهله، فهم على الأغلب سيكون لهم الريادة في التأثير عليه، وغالبا سينصاع إليهم لأن هم من أوصلوه لهذا الوضع، فالنشئة والتربية تعد سببا رئيسا في خلق رجل ضعيف الشخصية.
ضعيف الشخصية لن يفيدك ولن يفيد ابنته في شيء، وما حصل منه من تنازل عن ابنته أمر متوقع إذ أن ضعيف الشخصية لا يقوى على تحمل المسؤولية، ولا يجهد نفسه كثيرا، وغالبا يهرب وقد ينعزل وينطوي على نفسه حين لا يقوى على مواجهة الأمور الملقاة على عاتقه، ورجل كهذا لا تتوقعي تخططي معه لمستقبل أفضل إذا لا طموح لديه، بل أن جُل حياته يحقق ما يريده الآخرون منه، كما وأن قدرتك على معالجته ستكون صعبة لأن هذه الشخصية تحتاج أن تقتنع بداية بالتغيير، وتساعد نفسها من خلال قوة العزيمة والإرادة والتدريب، ولابد أن يبذل جهد ليحقق ذلك بنفسه وبالتالي ستتعب الزوجة كثيرا مع هذا الشخص وقد لا يخدمك في تربية الأطفال وتنشئتهم، ولكن نحن لسنا مع الإنفصال خاصة في ظل وجود أطفال، وننصح كثيرا بوسائل مساعدة، ولكن طالما الطلاق حصل، ففي الأمر خيرة لك، خاصة في ظل وجود أهل لا يرون أنك تستحقين أبنهم، ولهذا ربما الطلاق في مصلحتك والله أعلم.
فلا تبكي على طيبته لأنها مذلة وليست طيبة، ولا تحزني على كرمه فقد كان مزيفا لا كرم رجل عربي يعطي دون أن يُطلب منه، يعطي الغريب قبل القريب، وطليقك مقصر في عطاءه حتى مع طفلته الوحيدة وأول فرحته، ولا تتحدثي عن حنانه وقد تخلى عنه قبل أن تلد طفلته..... فرق كبير أخيتي بين ضعيف الشخصية، ومفهوم الطيبة.
أعلمي عزيزتي أن الرجل ضعيف الشخصية لن يفيدك في شيء، فتارة أمه تؤثر عليه، وتارة أخته، وتارة رئيسه في العمل، وتارة صديقه، وعندما تصل الأمور لكشف أسرار الزوجية وأمور الفراش فهنا ماتت النخوة وماتت الأخلاق فلا يستحق مثله أن نحزن على فراقه.
مشكلتنا أخيتي أننا لا نتدارك هذه الأمور فترة الخطوبة، ولا نشرك الأب والأخ كي يكتشفوا معنا شخصية من تقدم للخطبة، وأحيانا كي نحصل على زوج نعطي مسميات أخرى لبعض تصرفاته قبل الزواج، البخيل نقول عنه حريص ومقتصد، وضعيف الشخصية نقول عنه طيب ويحبنا ويحرص على رضانا لأنه يحبنا، وهو بالأساس لا يملك إلا الإذعان.
قدر الله وما شاء فعل، فالطلاق قد حصل، ولم تنتهي حياتك وإنما بدأت، بدأت حياة تشاركك طفلتك فيها، هي رزق من الله يتمناه الكثير من الناس، بل هناك نساء يتمنون لو يحصلوا على طفل ثم يتطلقون بسبب سوء خلق الزوج، ويتمنون نعمة الأمومة لهذا صبروا عى أزواجهم ثم طلبوا الطلاق.
خططي لحياة جديدة ودعي الخق للخالق، ولا تلوميه كثيرا فشخصيته هذه يُرثى لها فدعيه يختار طريقه كما يحلو له، إن أراد أن يكون السمع والطاعة لأهله ولزوجته الجديدة فله ذلك، وأنت انسي هذا الشخص وفكري في قول الرسول عليه الصلاة واسلام ( أمر المؤمن كله خير ) اسألي نفسك ما الخير في طلاقي، قد لا تجدين الإجابة الآن ولكن غدا ستكتشفينها، فكم من حوادث حصلت لنا وكنا نقول لماذا ياربي، كيف حصل هذا معي وأنا مؤمنة، طائعة، طيبة مع الخلق، يارب ويارب، ونحزن ونبكي، ولكن مع مررو الوقت نكتشف النعمة المختبئة وراء المحنة، ودعي أمر أهله لله، ولاحقا سيأخذ الله حقك منهم، ولكن لا تشغلي ذهنك بهذه الأمور.
بعد قراءة هذه الرسالة انهضي من حزنك، وانظري لطفلتك، وعديها أن تعيشا معا حياة طيبة، وتفكري بكل نعم الله عليك كي لا تعطي فرصة للشيطان، انظري لصحتك، لطفلتك الصغيرة وهي من أجلّ النعم، انظري لنعمة الوالدين فهم أحياء تعيشين في ظلهم ولم يبخلوا عليك بشيء ووقفوا معك، وخططي ليومك، وإن لم يكن لديك وظيفة ورغبتي بها فحاولي البحث عن وظيفة مناسبة، قومي بوضع جدول يومي فيه ما يقربك إلى الله، وفيه ما يصقل شخصيتك فتكوني فتاة قوية تعرف حق نفسها، تقدر ذاتها، ولا تنكسر أمام أول اختبار في حياتها، ثقي بنفسك وبقدراتك وتوكلي على خالقك.
لابد وأن تشغلي نفسك كي لا يشغلك الشيطان في أمور تكدر صفو حياتك، إن كان أمر الوظيفة صعب في الوقت الحالي، فاختاري الدراسة، تعلمي وتثقفي فالكتب تأخذك لعالم آخر سيفتح أمامك أبواب كثيرة إن شاء الله، واختلطي بالصالحات، وارتقي بنفسك، بذاتك وفكرك وشخصيتك، وعيشي حياة طيبة فيها تفاؤل وسلام مع النفس، وحسن ظن بالله، وإن شاء الله ربنا يكتب لك كل ما فيه الخير لك ولطفلتك، ويرزقك من يحسن العشرة ومن يقدر صلاح الزوجة، والله على كل شيء قدير.
الطلاق قد حصل فاختاري إما أن تكوني ممن حرموا أنفسهم متعة الحياة بعد الطلاق، أو ممن بدأت حياتهم الحلوة بعد الطلاق، فحياتك القادمة من اختيارك، فاختاري لنفسك الأفضل.
أنت غير كسورة، ( غيري معرفك وأكتبي أم حنونة، حياة جديدة )، أفضل لك ولنفسيتك كي تعطي بنتك من حنانك وتعوضيها حنان الأب، وكي تلهمي نفسك مافيه خير لك.
توكلي على الله ومن الآن قرري الاستعداد لحياة جديدة حلوة طيبة، فالحياة فيها الخير الكثير، وقرري الإنتصار على الضعف، على الهوان، على التشاؤم، الإنتصار على الشيطان، على من ظلمك، على إنهزام الشخصية، وطالعي المقالات التي تتحدث عن تقدير الذات، والثقة بالنفس، والمقالات الخاصة برفع كفاءت الشخص، وإكتشاف قواه الخفية.
وأهلا بك دائما.