عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2015-12-02, 12:41 PM
البارقه 2009
عضو متميز بالمنتدى (مشرفة سابقة)عضو(3شهور) هدية من الموقع
رقم العضوية : 89449
تاريخ التسجيل : 3 - 10 - 2009
عدد المشاركات : 17,041

غير متواجد
 
Thumbs up وفديناه بذبح عظيم (دروس تربويه )

د.جاسم المطوع

لماذا تتكرر علينا في كل عام قصة ذبح إبراهيم عليه السلام لابنه ؟ وما الهدف من اقتداء المسلمين به بذبح الأضاحي ؟ ولماذا يتحول موقف والد يريد أن يذبح ولده من آلاف السنين لاحتفالية وعيد يفرح فيه الناس ؟ كل هذه الأسئلة كانت تدور في ذهني وأنا أتأمل قصة إبراهيم مع ابنه ، فاستخرجت منها (12) درسا تربويا تصلح لأن تكون دليل إرشادي لكل أسرة تنشد التميز التربوي وهي علي النحو التالي *:
*
1-** *وضوح الرؤية : (قال يا أبتي أفعل ما تأمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) ، فاسماعيل عليه السلام يعلم في صغره بأن رؤيا الأنبياء حق ، وأن رؤيا الأنبياء في المنام من الوحي فقال (أفعل ما تأمر) ، يعني ما يأمرك الله به وهذا يفيد بأنه تلقي تربية ايمانية كاملة وواضحة من صغره*

2-** *السمع والطاعة : فقد استسلم إسماعيل لطلب والده علي الرغم من صعوبته (فلما أسلما وتله للجبين) ، يعني استسلما لأمر الله عندما أخبره به ، فألقاه إبراهيم علي وجهه حتي لا يشاهده أثناه ذبحه فيتأثر ويتراجع أثناء تنفيذ أمر الله تعالى

3-** *البديل السريع للبر والطاعة : عندما يطيع الإنسان ربه أو يطيع الإبن والديه في أمر يكره فعله *فإن الله يعوضهما خيرا (وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين وفديناه بذبح عظيم ) ، فنال إبراهيم جائزة فورية نتيجة نجاحه للاختبار العائلي ، ونال إسماعيل كذلك جائزة فورية أخري بنزول الكبش نتيجة بره لوالده
4-** *اعمل صالحا وأترك أثرا : فالعمل الصالح عمره طويل وأثره كبير ولهذا صارت قصة الذبح تاريخا للناس ودينا للبشرية ، فصار أثر إبراهيم وابنه مستمرا حتي قيام الساعة*

5-** *الصداقة التربوية : يتضح من الحوار بين الأب وابنه أن العلاقة بين إبراهيم عليه السلام وولده علاقة قوية ، وهي أكبر من علاقة والدية وإنما هي علاقة صداقة ، وهذه يصعب تحققها في مرحلة المراهقة (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أري في المنام أني أذبحك ) *ويعني (بلغ السعي) أي صار يسعي ويمشي مع والده ويقضي معه حوائج الدنيا ، ومن هنا نستدل علي أن العلاقة كانت علاقة تجاذب لا تنافر بينهما*
6-** *الحوار الناجح : (قال يابني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري) ، فعلى الرغم من أن إبراهيم عليه السلام تلقي أمرا بالذبح من الله تعالي ، إلا إنه استشار ابنه الصغير وأخذ رأيه بقوله (ماذا تري؟!) ، وهذه لفتة تربوية مهمة بأن نتحاور مع أبنائنا حتي في الأمور المسلمة والمفروضة التي أمرنا الله بها ، لأن الأبناء وخاصة في سن المراهقة يرون الحوار معهم احتراما وتقديرا ولا يحبون ويكرهون الفرض والإجبار*
7-** *الصبر علي الأوامر الصعبة : (ستجدني إن شاء الله من الصابرين) ، فاسماعيل عليه السلام صبي لم يتجاوز عمره 15 سنة ومع ذلك يعرف معنى الصبر ويعيشه عمليا ويستعين بربه ليعينه عليه ، وهذا مؤشر لنجاح تربية بيت إبراهيم عليه السلام علي الرغم من صعوبة المهمة والتكليف *، فهو تربي علي قيمتين الأولي الصبر والثانية الإستعانة بالله علي استمرار الصبر

8-** *الإبتلاء العائلي : (إن هذا لهو البلاء العظيم وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين سلام علي إبراهيم) ، لأن إبراهيم عليه السلام لم يرزق بولد حتي بلغ عمره 86 سنة ، ثم رزق باسماعيل الذي جاء بعد طول انتظار وهو ولده الوحيد ، فلما جاء وتعب علي تربيته أمره الله بذبحه ، والأصعب من هذا الأمر أن يكون الذبح بيد أبيه الذي انتظره 86 سنة ، فهذا بلاء اسري عظيم ، فلما نجح بالإختبار والإبتلاء جازاه الله بمكافأة عظيمة فأنزل له كبش عظيم ، وصارت سنة للمسلمين إلي قيام الساعة حتي يتعلموا معاني الصبر علي البلاء والسمع والطاعة لأوامر الله*

9-** *الفرج بعد الشدة : (كذلك نجزي المحسنين) وهذه هي سنة الحياة بأن العاقبة للمتقين وأن النصر يأتي مع الصبر والفرج بعد الشدة وأن مع العسر يسر ، وقيم كثيرة نتعلمها من قصة إبراهيم وإسماعيل ، وقد وصف الله إبراهيم وإسماعيل بأنهما محسنين ، والمحسن هو المخلص في عمله المراقب لربه والمتقن لصنعته والباذل للمعروف والخير ولهذا هو يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فيستشعر إن الله يراه*

10-** *كرم الله عظيم : (إنه من عبادنا المؤمنين وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين)، فمن يصبر علي أوامر الله الصعبة فإن الله يغدق عليه بكرمه أكثر مما يطلبه الإنسان ، فكان من كرم الله تعالي أن رزقه بولد آخر نتيجة صبره وطاعته ونجاحه بالإختبار ، ليسعده وتقر عينه بولد آخر وهو إسحاق عليه السلام
*
11-** *نزول البركة بسبب الطاعة : (وباركنا عليه وعلي إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم نفسه مبين ) ، وبعد الكرم الإلهي بارك الله في إبراهيم عليه السلام وذريته بسبب طاعته ونجاحه بالإختبار العائلي ، فبارك بذرية إسماعيل وكان منها رسولنا محمد صلي الله عليه وسلم وكذلك بارك في ذرية إسحاق فكان منها نبي الله يعقوب ويوسف عليهما السلام ، وهذا كله جزاء النجاح في اختبار الذبح*
12-** *عصيان أكبر عدو : وهو الشيطان الذي كان يحاول عدم تنفيذ مشروع الذبح حتي يسقط إبراهيم عليه السلام بالإختبار ، ولكنه رجمه وعصي أمره ففاز وصار خليل الرحمن*
فنقترح قراءة هذه الدروس علي أبنائنا ليستفيدوا من قصة (وفديناه بذبح عظيم)




توقيع البارقه 2009

(رب هب لي حكما والحقني بالصالحين
واجعل لي لسان صدق في الأخرين
واجعلني من ورثة جنة النعيم )




قال عبد الله بن مسعود : " لأِن أعض على جمرة حتى تبرد أحب إليّ من أن أقول لشيء قد قضاه الله ليته لم يكُن ! ".
💕 الرضى جوهر السعادة ، جملنا به يا الله 💕


[ اجعل لي يا الله اثراً طيباً اذكر بهِ بعد رحيلي فالذكر عمرُ آخر ]
اللهم اجعلنا ممن اذا حضر حضر واذا غاب بقي له أثر

اللهم اجعلنا من اهل النفوس الطاهرة و القلوب الشاكرة والوجوه المستبشرة وارزقناطيب المقام وحسن الختام .