(... جميع أقطار السماوات والأرض ميدان لمعرفة الله سبحانه ، ينهل منها الإنسان من حيث يشاء من غير حاجة أن يتحرك بجسمه وشخصه ،
فهو من مطالعة جمال الملكوت ، وأعاجيب ما فيها ،،في جنة عرضها السماوات والأرض ، وكل عارف فله مثلها ، من غير أن يضيق بعضهم على بعض ،
ألا إنهم يتفاوتون ، بقدر تفاوتهم في اتساع نظرهم ، وسعة معارفهم ، وهم درجات عند الله تعالى ....
... إن لذة معرفة الله سبحانه أعظم من كل لذة في الدنيا ، ومن طال فكره في معرفة الله سبحانه ، من خلال آياته المبثوثة ، ينكشف له من أسرار ملك الله ،
ولو الشيء اليسير ، فإنه يصادف في قلبه من الفرح ما يكاد يطير به ، ويتعجب من نفسه في ثباته واحتماله لقوة فرحه وسروره ،
وهذا مما لا يدرك إلا بالذوق ، أما الحكاية فقليلة الجدوى ...
ومن ثم فهذا القدر مما قلناه ينبهك على أن معرفة الله سبحانه ألذ الأشياء على الإطلاق ، وأنه لا لذة فوقها فتُطلب .
ومما روي عن بعضهم أنه سئل : أي شيء هاجك إلى العبادة والانقطاع إلى الله ؟
فسكت فقيل له : ذكر الموت ؟ فقال : أي شيء ذكر الموت !
فقيل له : فذكر القبر والبرزخ ؟ فأجاب بما أجابهم به قبل .
فقيل له : خوف النار ورجاء الجنة ؟
فسكت قليلا ثم قال :
إن رباً هذا كله بيده ، وبيده كل شيء ، إن أحببته أنساك جميع ذلك ، وإن كانت بينك وبينه معرفة قلبية ، كفاك هذا كله !
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
اللهم ارزقنا حبك يا رب
- - - - - - - -
اختيار أسد الدين شيركوه
بو عبد الرحمن