وعن حياة النمل قال المؤلف رحمه الله :
[ ....وعلم الناس من حال النمل وكيف تتخذ القرية تحت الأرض ،
منازل وبيوتاً وأزقة ودهاليز وغرفا ، وطبقات ومنعطفات ،،
وكيف تملأ يعضها حبوباً وذخائر وقوتاً للشتاء ،،
وكيف تجعل بعض بيوتها منخفضاً مصوناً كي تجري إليها المياه ،
وبعضها مرتفعاً ، وتخزن الحب والقوت في بيوت منعطفة إلى فوق ،،
حذرا عليها من المطر ،، وإذا ابتل منها شيء ، كيف تنشره أيام الصحو ،،
وكيف تقطع حب الحنطة نصفين ،، وكيف تقشر الشعير والباقلا والعدس ،،
لعلمها بأنه لا ينبت بعد التقشير ،،
وتراها كيف تعمل أيام الصيف ليلاً ونهارا ،، باتخاذ البيوت وجمع الذخائر ،،
وكيف تنصرف في الطلب يوماً يمنة ويماً يسرة ،، كأنها قوافل ذاهبين جائيين ،،
وأنها إذا ذهبت واحدة منها ، فوجدت شيئا لا تقدر على حمله ، أخذت منه قدراً ما
وذهبت راجعةً مخبرة الباقين ، وكلما استقبلتها واحدة شاممتها مما في فيها
لتدلها على ذلك الشيء فتجلبه ،، ثم كيف تجمع على ذلك الشيء جماعة منها ،،
وكيف يحملونه ويحترزونه بجهد وعناء ، وإذا علمت أن واحدة منهن توانت
في العمل وكسلت عن التعاون مع الجميع ،
اجتمعن عليها وقتلنها ،، لتكون عبرة لغيرها......
فلو تفكر الإنسان في أمر هذا النمل ، واعتبر أحوالها ،
لعلم أن لها علماً وفهماً وتمييزاً ودراية وتدبيرا وسياسة .. مثل ما له وربما أكثر ..!
كتبها بو عبدالرحمن