كان فاتحة أعمال السلطان نور الدين محمود العمرانية سنة 1154م بناء بيمارستان عظيم ،
هو من أروع الأبنية الأثرية التي تقدم نموذجاً يمثل فن العمارة من حيث مخططه وطراز عمارته ، وعناصره المعمارية الزخرفية ، ....
وبيمارستان : كلمة فارسية الأصل ،
مكونة من ( بيمار ) أي مريض .. و( ستان ) بمعنى دار ..
فهي تعني دار المرضى ، بل كانت بمثابة مستشفيات ومدارس للطب .
وكان السلطان نور الدين محمود خلال حروبه الطويلة مع الصليبيين قد اسر أحد ملوكهم ،
وعند استشارة مجلس أعيانه حول مصيره ، اشاروا عليه أن يطلق سراحه ، مقابل فدية قدرت بثلاثمئة ألف دينار ،
تنفق في بناء بيمارستان ، ليكون مشفى يقدم العلاج والدواء للمرضى ،
وبالفعل راقت الفكرة للسلطان ، وأطلق سراح الأسير وأخذ الفدية ، واستقدم خيرة المهندسين والعمال المهرة لبناء البيمارستان .
وكان هذا البيمارستان أول وأعظم جامعة طبية في ذلك العصر في الشرق كله ،
وكان بمثابة المستشفى المركزي وبقي يقدم رسالته حتى أواخر القرن التاسع عشر ..
وكان البيمارستان النوري مشتملاً على أقسام مرتبة لكل منها أطباؤه ،
ومنها قسم الأمراض الباطنة ،
وقسم الجراحة ،
وقسم الكحالة ( أمراض العين ) م
وقسم التجبير ،
إضافة إلى قسم لعلاج الأمراض العقلية ،
وقسم الصيدلة ، ويشتغل فيه الصيادلة بإعداد الأدوية ،
وأخيرا قسم المكتبة والتدريس ..
كان البيمارستان النوري يماثل القصور الملكية
بترفه ووسائل الراحة المتوفرة فيه ،
وأنواع الطعام الفاخرة التي تقدم للمرضى والمصابين ،
كما أن العلاج فيه كان مجاناً للفقراء والأغنياء على السواء ،
بل كانوا يمنحون لدى خروجهم من هذا البيمارستان ، ثيابا ونقوداً !!
تكفيهم للعيش من دون الاضطرار للعمل مدة أسبوعين وهي فترة النقاهة..!!
إلى آخر ما جاء في الكلام عن هذا البيمارستان .....
- - - - - -
ألا رحم الله نور الدين محمود ، فما هذا العمل العظيم إلا جزء يسير من روائعه .
كتبها بو عبدالرحمن