صفة الاستواء أو وصف الاستواء
الاستواء ثابت في الكتاب والسنة
ففي الكتاب المجيد
سورة البقرة
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(29).
سورة الأَعراف
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(54).
سورة يونس
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)(3)
سورة الرعد
(اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ)(2).
سورة طه
(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)(5).
سورة الفرقان
(الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59).
سورة السجدة
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ)(4).
سورة فصلت
(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)(11).
سورة الحديد
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4).
وفي السنة النبوية
حديث قتادة بن النعمان سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه).
عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيدي فقال: (يا أبا هريرة إن الله خلق السموات والأرضين وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على العرش يوم السابع، وخلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الإثنين، والشر يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء والدواب يوم الخميس، وآدم يوم الجمعة في آخر ساعة من النهار بعد العصر، خلقه من أديم الأرض بأحمرها وأسودها وطيبها وخبيثها، من أجل ذلك جعل الله من آدم الطيب والخبيث).
الفعل لغة
الفعل يدل على شيئين الحدث والزمان، ف (قام) يدل على (قيام) في زمن ماض، و(يقوم) يدل على (قيام) في الحال أو الاستقبال، و(قم) يدل على (قيام) في الاستقبال، والقيام: هو الحدث وهو أحد مدلولي الفعل؛ وهو المصدر، فالمصدر اسم الحدث.
الفعل اصطلاحا
الفعل: كلُّ فعل كمال قائِم بذات الله تعالى ثابِت في الكتاب والسنة، يتعلَّق بمشيئتِه وقُدرته ويرتبط بزمانٍ ومكان. وأفعال الله تعالى قديمة النوع متجددة الآحاد حسب ما تقتضيه مشيئته سبحانه. فقد كان الله بذاته وصفاته وأفعاله ولم يكن قبله شيء.
الفعل: (استوى)
دل الفعل (استوى) على شيئين حدث وزمان، الحدث الذي هو المصدر: الاستواء، والزمن الذي هو زمن ماض. فيكون الاستواء وصف فعل لله تعالى متعلق بمشيئته عز وجل، وهذا من باب الاستدلال على الصفة من خلال الفعل الدال على الصفة (وصف الفعل)، فالفعل: (استوى)، ووصف الفعل: (الاستواء)، قال تعالى: (الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَل بِهِ خَبِيراً)(الفرقان/59)، فالاستواء على العرش وصف فعل يتعلق بمشيئة الله تم بعد خلق السماوات والأرض.
ومعنى استوى: أي ارتفع عليه وعلا.
قال ابن كثير في تفسير الاية54 من سورة الاعراف: (وأما قوله تعالى: (ثم استوى على العرش)، فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا، ليس هذا موضع بسطها، وإنما يسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح: مالك، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم، من أئمة المسلمين قديما وحديثا، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل. والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، و(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)(الشورى/11) بل الأمر كما قال الأئمة -منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري -: (من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر). وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة، على الوجه الذي يليق بجلال الله تعالى، ونفى عن الله تعالى النقائص، فقد سلك سبيل الهدى).
أكرم غانم
ملتقى أهل الحديث