الموضوع: القلب الحي ..!
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2008-05-20, 3:18 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي القلب الحي ..!
القلب الحي ..!


قال الراوي : سألتُ شيخنا يوماً : ما علامة القلب الحي ؟

فتبسم الشيخ وقال :

يا بُني ، لقد كان يقال :

من كان له قلب ، فلا يخطر فيه إلا شهود الرب !

أو هذا ما يكون الغالب على أحواله وتقلباته ..

وبيان ذلك :

أنه على مقدار قوة حياة القلب ، فإنه لا يلتفتُ إلى غير جهته التي ولاها وجهه !


وهذا قلبٌ ولي وجهه جهة السماء قصداً ! حتى ليكاد لا يرى دنيا الناس ،

وهي تموج موج البحر بكل فتنة ، وترمي من حوله بزبد الشهوات والشبهات!


فحين تقررت عظمةُ الله في شغاف هذا القلب ،

واحتلت هذه العظمة مساحة الإطار كله ، ذاب فيه كل ما عداه !

وعلى قدر قوة شهوده لهذه العظمة ، واستحضاره لهذا الجلال ،

انقطع قلبه إليه ، وبقي متعلقاً به ، لا يحلو له العيش إلا معه ، ومن أجله .!

ومن ثم تحرر من رق الشهوات ، وحطم أغلال الشبهات ،

وحلّق بجناح الشوق إلى مباهج الجنات ، وأفراح أهلها !


فكلما فزع إلى طاعة ، بادر إليها ولسان حاله يقول : وعجلتُ إليك رب لترضى !

هذا قلب يطرب للطاعة إذا حانت ساعتها ،

لأنه يتذوق فيها حلاوة أشد عذوبة من الشهد المصفى !


قال الراوي : فكيف السبيل إلى مثل هذا النعيم ؟

قال الشيخ :

لا يمكن الوصول إلى هذا أو بعضه ، إلا بالله وحده ،

فيلزمك إذن كثرة دعاء ،أن يكرمك الله بقلب مثل هذا ،

ويلزمك طول مناجاة وشدة تضرع ، وإدامة وقوف بالباب ، وشدة انكسار ،

وإظهار ضعف ، وإعلان عجز ، وتبرئ من الحول والقوة ! ،

ثم مجاهدة مستمرة للنفس الأمارة ،

واعلم أنك كلما انتصرت على هواك في جولة ،

أكرمك الله بمذاق خاص على قدر انتصارك ، وكلما كان انتصارك كبيرا ،

كانت كرامة الله لك أكبر ..!

ولا يزال هذا دأبك حتى تهب عليك نسائم القبول ، وألوان الكرم !

فضع هذه الحقيقة في ذهنك ، كلما برز لك الهوى بدعوة إغراء لمتابعته !

بمعنى :

ذكّر بهذه الحقيقة نفسك كل حين ، وعدها وتوعدها لعلها ترعوي !

ومع هذا كله يلزمك أن تراقب قلبك ،

وما ينصب فيه من خطرات وهواجس ، والهامات وإيحاءات ووساوس ،

فتصفيها أولاً بأول ، ولا تبقي منها إلا الصالح الطيب ،

حتى لا يستقر فيه شيء من الأكدار التي تُفقد القلب رونقه وبهجته ،

وربما سلبته حياته !

إذا دمت على ذلك مع الإكثار من نوافل الخيرات ،

وعلى رأسها الذكر الكثير ، بحيث يبقى لسانك دوماً رطبا بذكر الله ..

فيحق لك أن تقول لقلبك :

صبراً جميلا ، فقد لاحت بشائر النصر ، وما بقي إلا ترقب فرج الفجر ،

وهبوب نسيم الحياة ، وتذوق طيبات السماء على موائد الطاعات .. !


وما هي إلا غمضة عين وانتباهتها ، فإذا الأرض غير الأرض ،

وإذا سماء القلب قد أشرقت بنور ربها ، حتى توهجت منها الأنوار وفاضت ..!

اللهم ارزقني قلبا حياً يمور بالنور ، ويفيض بالخير ،

ويغلي بحبك وحب نبيك صلي الله عليه وسلم .. اللهم آمين .. اللهم آمين






كتبها بو عبدالرحمن