عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2008-05-17, 12:52 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
ووصل في إدراك التناسق بين عدد كبير من الضوابط

التي تضبط الحياة ; وتنسق بين الأحياء والظروف المحيطة بها ; وبين بعضها وبعض ..

إلى حد يعطي فكرة عن تلك الحقيقة العميقة الكبيرة التي تشير إليها الآية .

فالنسبة بين عوامل الحياة والبقاء وعوامل الموت والفناء في البيئة

وفي طبيعة الأحياء محفوظة دائما بالقدر الذي يسمح بنشأة الحياة وبقائها وامتدادها .

وفي الوقت ذاته يحد من انتشارها إلى الحد الذي لا تكفي الظروف

المهيأة للأحياء , في وقت ما , لإعالتهم وإعاشتهم !

ولعله من المفيد أن نشير إشارة سريعة إلى شيء من هذا التوازن

في علاقات بعض الأحياء ببعض .

إذ كنا قد أشرنا بشيء من التفصيل في سور أخرى

إلى التناسق في بناء الكون , وفي ظروف الأرض . .

***

"إن الجوارح التي تتغذى بصغار الطيور قليلة العدد ,

لأنها قليلة البيض , قليلة التفريخ , فضلا على أنها لا تعيش

إلا في مواطن خاصة محدودة . وهي في مقابل هذا طويلة الأعمار .

ولو كانت مع عمرها الطويل , كثيرة الفراخ مستطيعة الحياة في كل موطن

لقضت على صغار الطيور وأفنتها على كثرتها وكثرة تفريخها .

أو قللت من أعدادها الكبيرة اللازمة بدورها لطعام هذه الجوارح وسواها

من بني الإنسان , وللقيام بأدوارها الأخرى , ووظائفها الكثيرة في هذه الأرض !

بغاث الطير أكثرها فراخا *** وأم الصقر مقلات نزور

وذلك للحكمة التي قدرها الله كما رأينا ,

كي تتعادل عوامل البقاء وعوامل الفناء بين الجوارح والبغاث !

والذبابة تبيض ملايين البويضات . ولكنها لا تعيش إلا أسبوعين .

ولو كانت تعيش بضعة أعوام , تبيض فيها بهذه النسبة

لغطى الذباب وجه الأرض بنتاجه ; ولغدت حياة كثير من الأجناس

وأولها الإنسان - مستحيلة على وجه هذه الأرض .

ولكن عجلة التوازن التي لا تختل , في يد القدرة التي تدبر هذا الكون ,

وازنت بين كثرة النسل وقصر العمر فكان هذا الذي نراه !

والميكروبات - وهي أكثر الأحياء عددا , وأسرعها تكاثرا ,

وأشدها فتكا .. هي كذلك أضعف الأحياء مقاومة وأقصرها عمرا .

تموت بملايين الملايين من البرد , ومن الحر , ومن الضوء ,

ومن أحماض المعدات , ومن أمصال الدم , ومن عوامل أخرى كثيرة .

ولا تتغلب إلا على عدد محدود من الحيوان والإنسان .

ولو كانت قوية المقاومة أو طويلة العمر لدمرت الحياة والأحياء !

وكل حي من الأحياء مزود بسلاح يتقي به هجمات أعدائه

ويغالب به خطر الفناء . وتختلف هذه الأسلحة وتتنوع . فكثرة العدد سلاح .

وقوة البطش سلاح . وبينهما ألوان وأنواع . .

الحيات الصغيرة مزودة بالسم أو بالسرعة للهرب من أعدائها .

والثعابين الكبيرة مزودة بقوة العضل , ومن ثم يندر فيها السام !

والخنفساء - وهي قليلة الحيلة - مزودة بمادة كاوية ذات رائحة كريهة ,

تصبها على كل من يلمسها , وقاية من الأعداء !

والظباء مزودة بسرعة الجري والقفز ,

والأسود مزودة بقوة البأس والافتراس !

وهكذا كل حي من الأحياء الصغار والكبار على السواء .

***