حبيبة أمها...
من الضروري أن تدركي أن العلاج بين يديك، ويعتمد عليك، فلا تتوقعي أن هناك دواء سيشفيك مما أنت فيه، صحيح هناك دواء لحالات الخجل الشديد، ولكنه لا يعمل لوحده، ولا يغني عن العلاج السلوكي.
بعض الناس يا حبيبة أمها ينقصهم مهارات اجتماعية فيتسبب ذلك بحالة من حالات الخجل، ويشعرون بصعوبة التواصل مع الاخرين، فهم يرون أن من حولهم أكثر وعيا منهم، ويتحدثون في أمور غريبة أوجديدة عليهم، ولديهم ثقافة وأسلوب تُشعرهم بالخجل إذ أن معلوماتهم لا ترتقي لمستوى أولئك، وبالتالي يتحاشوا التواصل مع أطراف أخرى، ولا يفكروا في الأسباب، فقط يظنون أنها حالة خجل خارجة عن إرادتهم، وهذا الأمر معالجته تكون من خلال التعلم، فكم من شخص غاب عنا وعند عودته أذهلنا بمهاراته بعد أن كان خجولا ولا يتفوه بكلمة أثناء الجلوس مع الآخرين، وأنت يمكنك ذلك ايضا، فما يستطيع فعله شخص ما ، نحن أيضا نستطيع فعله، وربما بشكل أفضل منه، فكري مليا قبل أن تقولي لا، لست من هذا النوع، اسألي نفسك، ( إذا أصبحت أكثر ثقافة، وأكثر اهتماما بذاتي، ومظهري، وفكري، وأكثر دراية بما يدور في مجتمعي... الخ، هل يمكن أن يساهم ذلك في زيادة ثقتي بذاتي، واندفع للإنخراط في حياة اجتماعية أفضل؟)
وإذا شككتي في ذلك، يمكنك الآن أن تثبتي االحقيقة من خلال ( هذا المنتدى ) على سبيل المثال، نعم يا حبيبة، شاركي بنقل ما يعجبك من مواقع أخرى، أو اكتبي ولو بلغة بسيطة، وحاولي ي تشاركي في المواضيع المطروحة، وشاركي في منتدى الحوار والنقاش واكتبي رأيك بصراحة، ومهما كانت لهجتك لا تترددي ولا تبحثي عن كلمات باللغة العربية الفصحى، حاولي حسب إمكاناتك، وإذا لم يكن لديك رأي محدد ابحثي في النت عن الإجابات المختلفة، وانقلي لنا الرأي الذي يتفق مع رأيك، فأحيانا نحن نحمل الأراء ذاتها ولكن غيرنا لديه قدرة أكبر على التعبير عنها، فلا مانع من نقل رايه، وهكذا تتعلمين أولا المشاركة وثانيا تكتسبين معلومات إضافية.
أيضا فكرة التواصل مع الأقارب من خلال الرسائل النصيحة كانت ستفيدك كثيرا، وأتمنى أن تعيدي النظر فيها، فأنا أعلم الكثير ممن استجاب لهذه النصيحة وبادروا بمراسلة أقاربهم فتجاوب البعض معهم، ثم تطورت العلاقة وقويت وتحقق مرادهم في التواصل وصلة الرحم، فكم من شخص غاب عنا، وشعرنا بالخجل من زيارته بعد غياب، ولكن من خلال الرسائل التي نبعهثا ولو مرة في الأسبوع، ومن خلال الإهداءات الصوتية تقاربت النفوس، ورجعت المياه لمجاريها، وها هو شهر رمضان على الأبواب، فقد يكون مناسبة جيدة لترسلي التهاني لبعض منهم، واطلبي من الله أن يسخر لك من يتجاوب معك، وإن شاء الله تحصلي على مرادك بالتدريج، ولو مع عدد قليل منهم، حتى لو اخت واحدة تُضاف لرصيدك بالتأكيد سيفيدك، وقد تكون هي سبب من أسباب التعارف على غيرها.
من الضروري حبيبة أمها تبادري بنفسك، فلا يوجد حلول سحرية لحالة الخجل، وإنما هناك ممارسات عمليه يجب البدء بها خطوة خطوة، وقلت لك فلتكن البداية من هنا.
وهناك نصائح ينصح بها المختصين مثل ( الكتابة ) وسبق وأخبرتك عن أهميتها في مثل حالتك، فلا تتجاهليها، واكتبي الآن على ورقة كل الأمور التي تنوي القيام بها أو بعضها، وبجانبها اكتبي الأسباب التي تحول دون المضي في تنفيذها، وحاولي سؤال نفسك ما الذي سيحصل إذا بادرت الآن وقمت بهذا العمل.
على سبيل المثال، خروجك لمركز تحفيظ القرآن، هذه رغبتك، سجليها على ورقة، واسألي نفسك ما العوائق التي تحول دون ذهابك؟ وبحسب كلامك فشعورك بالخجل هو السبب، إذا كيف أتخلص من هذا الشعور، بالتأكيد من خلال التفكير بصفاتك الإيجابية، والإمكانات التي لديك، وسبق وقلت لك حاولي تكبري الأشياء الجميلة التي فيك كي ترفعي من مقدار ثقتك بنفسك..
وأنصحك بعدم التفكير بما سيحصل في المركز، ولا التفكير بما ستواجهينه، وكيف ستخاطبين الأشخاص... الخ، لا تفكري بأي شيء مسبق كي لا يؤدي ذلك لخلق عوائق، فقط فكري في النتائج التي ستحصلي عليها، فكري بالعلم الذي ستحصلين عليه، فكري بهدفك الأكبر وهو حفظ القرآن بتمكن، فكري بالأجر والثواب والنعيم المخصص لحامل القرآن العامل به.
وكل شيء ترغبين بعمله اكتبيه، ثم اكتبي الأسباب التي تعيقك، وبعد ذلك فكري كيف أتخلص منها، وإذا لم تجدي غير الشعور بالخجل، قاومي هذا الشعور السلبي بما يخالفه، قولي أنا أملك مشاعري، وأنا قادرة على استبدالها بمشاعر قوية وإيجابية، وأنا فتاة لا أقل عن غيري، وهناك فتيات لديهم ظروف مثل ظروفي وفوق ذلك لا يُسمح لهم بالخروج من المنزل، وبالتالي يجب استغلال هذه النعمة... بادري، وغيري هذه المشاعر فهي ملكك، انفضي الوهن، وتحركي مباشرة لتحقيق رغبتك وكما قلت لت لا تفكري مسبقا بما سيحصل معك، فقط فكري بالنتائج الإيجابية.
من الضروري أن تتحلي بروح المباردة، وتدرجي في مبادرتك لتغير هذا الشعور، وحاولي البدء من خلال مواقف بسيطة، شاركي هنا بأرائك الخاصة، وإذا خرجتي إلى السوق حاولي تسألي السيدات عن بعض المحلات وأين يكون موقعها، اسألي البائع إن كان لديه كذا وكذا ولا تستخدمي قائمة الطعام وتشيري لطلبك، وإذا لديك أخوات أو أخوان علاقتك بهم طيبة، حاولي تصنعي لهم شيء جميل، واطلبي رايهم فيه كي يحصل حوار بينكم.... هذه التصرفات بسيطة ستساعدك، وستعطيك دفعة للأمام، فلا تستهيني بها.
دائما حاولي تتفادي الأفكار السلبية التي تحول دون تقدمك، وضعي مباشرة سبب إيجابي وقولي لنفسك ( هل سيتقدم الجميع من حولي، ويتطورون ويحققون أهدافهم، وسأبقى أنا هكذا للأبد)، صدقا يا حبيبة، مبادري وتحركي ولا تلتفتي للمشاعر السلبية وقاوميها، فأنت بمجرد البدء بأول خطوة، وأول عمل، بإذن الله ستتغير الأوضاع وستجدين أنك فوتي الكثير من الوقت، وأن الأمر لم يكن بحاجة لكل ذلك الخجل.
وحتى وإن كان السبب وراء الخجل وراثي، أو ظروف ساهمت في فقدان ثقتك بذاتك، ففي كل الأحوال انت بحاجة للطريقة ذاتها المذكورة آنفا.
أتمنى أن تستمري معنا هنا، وأن أرى حبيبة أمها اليوم قبل غد قد سلكت مسلكا صحيحا، وبدأت أولى خطواتها نحو التغيير.
في انتظارك تفاعلك.
وأتمنى لك التوفيق.