الكون يصلي .. فلماذا لا تصلي ؟ ( 1)
قم إلى الصلاة .. الكون يصلي ويسجد 1
ويتردد نشيد الأذان في روعة ، يعلو ويعلو ،
تجاوبه اصداء الزمان من جنبات الآفاق ،
يهيب بالناس أن ينخلعوا من دنياهم للحظات ..
ليقبلوا خلالها بكلية قلوبهم على مولاهم الحق سبحانه ليعطر ارواحهم
بنسيم السماء ، وأريج الجنة تسوقه إلى قلوبهم أنفاس الملائكة..
ويخيل إليك وأنت تتابع اصداء الأذان
أن الكون كله في حالة إصغاء عجيبة لهذا الصوت الشجي الذي يهز السماء ..
بل قد تعرج روحك في لحظة صفاء درجة أخرى أعلى وارقى ..
فإذا هي تكاد تسمع همس الكون كله من حولها في أعقاب النداء الخالد ،
يقول في نبرة مؤثرة حانية :
قم إلى الصلاة ..
أما ترى كل شيء من حولك ، في حالة سجود بين يدي الله سبحانه طوعا أو كرها ..؟!
أما ترى أن كل شيء تمر به عيناك يشير لك في جلاء
أنه مخلوق لله رب العالمين ، وهو يزيدك تعريفا بربه وربك كلما زدته تأملا وتدبرا ؟؟
أما ترى أن كل نعمة تهتف بك ، أنها من خزائنه وحده ..
وأن كل آية تقول لك :
أبرزتني قدرة الله ، وهيأتني حكمته ، وجملني إبداعه ،
وأخرجني إلى الوجود برحمته وحكمته ..!!
ومن ثم فلا تقع عيناك على شيء مما تمر به إلا وترى آية ،
ودليل وبرهان ، يدفعك دفعا إلى الله ، ويشدك شدا إليه ..
بل يسمو بروحك إلى آفاق عالية راقية تحلق مع الملائكة الكرام ..
لترى من هناك أن كل شيء في حالة صلاة وسجود وتسبيح لله ،
في مشهد كوني مهيب رهيب راائع ..
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ..
كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ .. وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) ) ..
فلا تملك لحظتها إلا أن تهوي بقلبك ساجدا بين يدي الله وروحك تهتز ..
لكنها تكون سجدة عميقة ممتدة ، لا يقوم منها قلبك إلى قيام الساعة ..!
إن لم تكن ترى ذلك كله أو بعضه ..
فاعلم أنك لا تزال بحاجة إلى صقل مستمر ،
وعملية جهاد لا هوادة فيها لنفسك الأمارة بالسوء ..
واعلم أنه ليس كمثل الصلاة __ فرائضها وكثرة نوافلها _
شيء يجعلك في حالة انسجام مع هذا الكون المسبح لله
على مدار الساعة .. !
تجعلك الصلاة تشارك هذا الكون مهرجانه العجيب ..
تشاركه السجود .. وتشاركه التسبيح ، وتشاركه الصلاة .. كل بطريقته ..
فلا تزال تركع وتسجد وتقوم وتقعد في اللحظة التي يكون فيها الكون كله
في حالة ركوع وسجود وتسبيح !!
إنها لحظات إشراق رائعة حين تستشعرها بقلبك
وتجمع خلالها روحك ، لتستشعر هذه المعاني التي تهز القلب
وتزكيه وتسمو به .. فهل بعد هذه الروعة روعة .؟!
وهل بعد هذا الجمال جمال ؟؟
وهل هناك سعادة يمكن أن تكون أعظم أو أروع أو أكبر
من هذه السعادة القلبية التي يتراقص خلالها القلب
وهو يستشعر هذه المعاني في لحظات الصلاة وهو بين يدي الله عز وجل..؟؟
يتــــبــع ....