( كنز الافتقار ، وعز الانكسار ! )
أوضح ما يكون إكرام الله لك ،
وأوضح ما يتجلى لك إحسانه إليك ، وفيضه على قلبك ،
حين تتحقق كلياً بفقرك إليه ، وشدة حاجتك إليه ،
وتعلن ذُلّك بين يديه ، مع شعور بالعزة لأنك كذلك ،
مع تصحيح افتقارك له ، ويطيب لك طول الوقوف على أعتابه ،
.
متلبساً بآداب العبودية له :
من الانكسار بين يديه ، وشدة الفاقة إليه ،
وإعلان الإفلاس من كل شيء ،
فلا حول ولا طول ولا قوة ..إلا به سبحانه ..
ونفض يديك من التعلق بأية قوة على وجه الأرض ،
.
حيث لا نافع إلا هو ، ولا ضار إلا هو ،
ولا معطي إلا هو ، ولا مانع إلا هو ،
ولا محيي إلا هو ، ولا مميت إلا هو ،
ولا قدرة لمخلوق _ أياً كان _ أن يفعل شيئا بذاته ،
ما لم يمكنه الله من أن يعمل ،
فقد رفعت الأقلام ، وجفت الصحف بما فيها ..!
.
هنالك تهتز روحك بنسيم العافية ، وتجد برد الرضا ،
ويشيع فيها أنس القرب منه سبحانه ،
وتتذوق ذوقا مباشرا واضحاً ، حلاوة هذا الأنس ..
فيطيب لها المناجاة ، وتحلو لها الضراعة ،
وتنتشي بطول الانكسار بين يدي مولاها ،
.
وعلى قدر ما تظهر فاقتها وفقرها وذلها له جل في علاه ،
على قدر ما يزداد إكرامه لها ، وإحسانه إليها ، وعزه لها ..
وتأمل إن كنت ذا فهم قوله تعالى :
( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ ... ) هذه مثل تلك ..!
.
ومن لم يعرف هذه الحقيقة ،
فهو من أجهل خلق الله ، ولو امتلك شهادات الدنيا بجميع اختصاصاتها !!
ومن عرفها وآمن بها وصدقها ،
غير انه لم يشمر للسير إليها ، وترجمتها في واقع حياته ،
فهو محروم مخذول ، وإن بدا للناس في غاية الابتهاج !
.
اللهم أغننا بالافتقار إليك .. ولا تفقرنا بالاستغناء عنك ..
اللهم إنا بك كل شيء .. وبدونك لا شيء ألبته ..
اللهم إنه لا عز إلا عزك ، وطريق تحصيل هذه العزة ،
أن تحققنا بكمال العبودية لك ..
فلا تخذلنا يا مولانا ، وأكرمنا بما أكرمت به أولياءك وأحبابك ..
اللهم آمين .. اللهم آمين .