الموضوع: نعيم الجنة
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2008-05-04, 6:52 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي

ومن الناس من ذل لهذه الكلمة لكنه عصى النبي صلى الله عليه وسلم عصى الشرع في أمور كثيرة فهؤلاء لا يمكن لهم أن يدخلوا الجنة ابتداءً ولو ماتوا على التوحيد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة عاق لوالديه ) . الجنة من أعظم المنازل ولا يدخلها إلا ذو قلب سليم وكيف تجتمع سلامة قلب مع عقوق لوالدة حملتك تسعة أشهر أو عقوق لوالد رباك ورعاك . عقوق الوالدين من أعظم ما يمنع رحمة الله جل وعلا ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة عاق لوالديه ) .

الخمر أم الخبائث حرمها الله في كتابه وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم وهي مظنة كل شر وسبب كل بلاء وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة مدمن خمر ) ولو مات على لا إله إلا الله إلا أن يكون قد تاب قبل وفاته فإن الخمر والعياذ بالله حرّمها الله وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببها عشراً من الناس ولم يرد في الشرع كله أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن بسبب شيء معين عشراً من العباد إلا ما ورد في لعن الخمر وشاربها و بقية العشرة أعاذنا الله وإياكم من ذلك كله.

قد يكون للإنسان جار ولكن ذلك الجار والعياذ بالله فيه من الخلل و الزلل ما يجعلك لا تأمن أنت ولا زوجتك ولا أبناؤك ولا بناتك ذلك الجار تخاف على بناتك وأبنائك إذا سافرت يؤذيك في كل شيء من موقف سيارتك إلى عرضك وأهل بيتك هذا الجار حرم الله عليه على لسان رسوله أن يدخل الجنة قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ) أعاذنا الله وإياكم من سوء الجار .

كما أخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل الجنة ابتداءً قاطع الرحم . والإنسان والعياذ بالله إذا غلبت عليه الأنانية وحب الذات وحرم منه أقرباؤه حرم منه أعمامه وأخواله وعماته وخالاته الفقير والبائس والمسكين وذو الحاجة منه حرموا من عطائه إما بحجج واهية كاشتغال بطلب علم أو بحضور محاضرات أو بتجارة أو بأمثال ذلك من الحجج الواهية . قال صلى الله عليه وسلم في الخبر الصحيح : ( لا يدخل الجنة قاطع ) أي لا يدخل الجنة قاطع رحم لأن الرحم اشتق الله لها جل وعلا اسم من أسمائه وقال: ( أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ) . فهؤلاء وأمثالهم ممن نص الشرع عليهم حرم الله جل وعلا عليهم دخول الجنة ابتداءً .

كما حرم الله دخول الجنة ابتداءً على من في قلوبهم كبر . ومن عرف الله جل وعلا وجليل منزلته وما له جل وعلا من رداء الكبرياء والعظمة امتنع على أن يتكبر وتواضع للرب تبارك وتعالى وعرف للعباد حقوقهم التي أوجب الله جل وعلا عليهم قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ) .

وعلى النقيض من ذلك ثمة أقوال وأعمال صالحة تكون سبباً في دخول الجنة من أعظمها وأولها ما روى بعض الأئمة بسند حسن أن نبينا صلى الله عليه وسلم يكون أول من يقرع باب الجنة وأول من يدخلها فإذا امرأة تزاحمه صلوات الله وسلامة عليه على دخول الجنة فيقول لها صلى الله عليه وسلم : ( ومن أنت ؟ أي ما الذي جعلك بهذه المكانة فتقول له : يا رسول الله أنا امرأة كنت قائمة على أيتام لي ) فهذه لبؤسها و ضعفها وعجزها وتركها لشهوة نفسها رغبة في القيام بشؤون أبنائها من اليتامى جعلها الله جل وعلا تزاحم سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في دخول الجنة .

الوضوء إسباغه و الصلاة بعده من أعظم أسباب دخول الجنة فإن نبينا صلى الله عليه وسلم أراه الله الجنة مراراً يدخلها صلوات الله وسلامه عليه وكلما دخل الجنة سمع صوت نعلي بلال بن رباح رضي الله عنه وأرضاه فقال صلى الله عليه وسلم لبلال : ( أخبرني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإنني ما دخلت الجنة قط إلا وسمعت خشخشة نعليك بين يدي ) فقال : ( يا نبي الله أما وقد سألت فإني كنت لا أتوضأ وضوء فأسبغ فيه الوضوء إلا صليت لله جل وعلا في أي ساعة من ليل أو نهار ما كتب الله لي أن أصلي ) رضي الله عن بلال وألحقنا الله به في الصالحين كما أن الوضوء نفسه من غير صلاة قال صلى الله عليه وسلم : ( من أسبغ الوضوء ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم أجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ) .

كما أن من أعظم أسباب دخول الجنة وعلو المنازل فيها كفالة اليتيم قال صلى الله عليه وسلم : ( من كفل يتيماً كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ) وجمع صلى الله عليه وسلم وفرق بين أصبعيه السبابة والوسطى . كل هذا عباد الله بعض مما دل الشرع عليه من أسباب دخول الجنة .

ومما ينبغي أن يعلمه كل عبد أن المؤمن إذا كتب الله جل وعلا له الجنة نسي كل بؤس كان عليه في الدنيا ظمأ الهواجر قيام الليل إنفاق المال عونك لأخيك كثرتك للتسبيح صبرك على البلاء كل ذلك يُنسى إذا أدخل الجنة .

أدخلنا الله جل وعلا وإياكم الجنة . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } [فاطر35] . جعلنا الله وإياكم ممن يقول هذا يوم القيامة عند دخول الجنة .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..

***

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد .

عباد الله:
فإن القرآن لما حث أتباعه على المسارعة في الخيرات والمسابقة في الطاعات طمعاً في دخول جنات الرحمن ما أراد الله بذلك ولا أراد رسوله صلى الله عليه وسلم أن يسابق الإنسان إلى الموت وأن يسرع إلى التخلص من حياته فإن الأجل أمر لا يكلف العبد به هذا أمر قدري خارج عن التكليف والله جل وعلا يقول : { فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }[الأعراف34] .

ولم يرد في الشرع ما يدفع المؤمن إلى أن يتمنى الموت إلا في حالات يذكر فيها دعاءاً مخصوصا . أما الأصل في المؤمن أنه يسارع في الخيرات ويسابق في الطاعات ويعمل العمل الصالح هذا الذي كلفنا الله به .

أخرج الإمام أحمد في المسند من حديث أبي أمامه رضي الله عنه وأرضاه قال : ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرققنا ـ أي أثر فينا حديثه ـ فبكى سعد رضي الله عنه وأرضاه فأكثر من البكاء ثم قال سعد ـ أي سعد ابن أبي وقاص ـ قال : ( يا ليتني مت ) فقال صلى الله عليه وسلم : ( يا سعد لا تقل هذا فإنك أن كنت قد خلقت للجنة فمهما طال من عمرك وحسن من عملك فهو خير لك ) .

وهذا توجيه نبوي كريم منه صلوات الله وسلامه عليه المؤمن مطالب بأن يسارع في الخير ويعمل الصالح وليس مطالب بأن ينهي نفسه ويقتلها ويظن أن وراء ذلك الجنة قال صلى الله عليه وسلم : ( بادروا بالأعمال سبعاً فهل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنىً مطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فشر غائب يُنتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر ) .

فقوله صلى الله عليه وسلم : ( بادروا بالأعمال ) أي سارعوا في الأعمال الصالحة قبل أن يمنعكم عنها مانع ثم ذكر عليه الصلاة والسلام جملة من الموانع فالفقر ينسي لأن الإنسان إذا كان فقيراً انشغل بقوته ورزقه ودفع دينه ومنعه ذلك من أن يعبد الله على الوجه الأكمل والنحو الأتم بالغالب .

وإذا كان غنياً طغى عليه غناه فانشغل بعقاراته و تجارته وأسهمه وأرباحه وشغله ذلك عن طاعة الرب تبارك وتعالى على الوجه الأكمل والنحو الأتم .
وإن كان مريضاً عجز عن الحج والعمرة والصيام وأمثال ذلك من الطاعات لمرضه .
وإن كان هرماً دخل في الخرف فلا يدري الليل من النهار فكيف سيصلي ويصوم .
وإن كان الموت فهو مجهز قاض عليه و به تطوى صحائف الأعمال إلا ما استثناه الشارع منه .
والدجال لا فتنة أعظم منه . والساعة نهاية الأمر وقيام الحساب وكل ذلك لا عمل فيه .

فهذا جزء من التوجيه النبوي الكريم بالمسارعة للخيرات وقد نقل الأخيار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه أنه لما حضرته الوفاة بكى فقيل له : " ما يبكيك يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم " فقال : " أبكي على ظمأ الهواجر ـ أي أبكي على أنني لن أستطيع أن أصوم بعد اليوم ـ أبكي على قيام ليل الشتاء ـ لأنني بعد موتي لا أستطيع أن أقوم بعد اليوم ـ أبكي على مزاحمة العلماء بالركب ـ لأن حضور مجالس العلماء وحضور مجالس تدارس القرآن كل ذلك مما تُغشى بها السكينة وتنزل به الملائكة ويعظم به الأجر ـ " . فلم يتأسف معاذ رضي الله عنه على دينار ولا درهم ولا على زوجة ولا على ولد ولكن تأسف على ما سيفوته من عمل الصالح رغم أنه رضي الله عنه وأرضاه من أعظم الصحابة قدراً وأجلهم مكانة وأكثرهم علماً رضي الله عنه وعن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أجمعين .

ألا وأعلموا عباد الله أنكم في يوم الجمعة سيد الأيام فصلوا فيه وسلموا على سيد الأنام {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} . اللهم صلي على محمد ما ذكره الذاكرون الأبرار وصلي على محمد ما تعاقب الليل والنهار وارض اللهم عن أصحاب محمد من المهاجرين والأنصار . اللهم ورحمنا معهم بمنك وكرمك وعفوك يا عزيز يا غفار اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك ربنا من النار وما قرب إليها من قول وعمل اللهم كما جمعتنا على هذا الفرش اجمعنا برحتك في ظلال العرش يا ذا الجلال والإكرام اللهم وفق إمامنا بتوفيقك وأيده بتأييدك اللهم وفقه لهداك وجعل عمله في رضاك اللهم وادرأ عن أمة الإسلام غوائل الفتن وطوارق المحن وقها اللهم شر الكفار وكيد الفجار يا ذا الجلال والإكرام اللهم أحفظ المؤمنين في فلسطين والعراق وفي سائر البلدان يا رب العالمين اللهم انصر دينك وكتابك وأولياءك وعبادك الصالحين وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك و يهدى فيه أهل معصيتك ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

عباد الله:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان و إيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء و المنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .