عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 5  ]
قديم 2015-03-22, 11:45 PM
نورهـــ
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية نورهـــ
رقم العضوية : 42311
تاريخ التسجيل : 19 - 12 - 2007
عدد المشاركات : 908

غير متواجد
 
افتراضي
فأنزل الله عليهم سفرة حمراء بين غمامتين : غمامة فوقها وغمامة تحتها ، وهم ينظرون إليها في الهواء منقضة من فلك السماء تهوي إليهم وعيسى يبكي خوفا للشروط التي اتخذها الله عليهم - فيها : أنه يعذب من يكفر بها منهم بعد نزولها عذابا لم يعذبه أحدا من العالمين - وهو يدعو الله من مكانه ويقول : اللهم اجعلها رحمة ، إلهي لا تجعلها عذابا ، إلهي كم من عجيبة سألتك فأعطيتني ، إلهي اجعلنا لك شكارين ، إلهي أعوذ بك أن تكون أنزلتها غضبا وجزاء ، إلهي اجعلها سلامة وعافية ، ولا تجعلها فتنة ومثلة .

فما زال يدعو حتى استقرت السفرة بين يدي عيسى والحواريين وأصحابه حوله ، يجدون رائحة طيبة لم يجدوا فيما مضى رائحة مثلها قط ، وخر عيسى والحواريون لله سجدا شكرا بما رزقهم من حيث لم يحتسبوا وأراهم فيه آية عظيمة ذات عجب وعبرة ، وأقبلت اليهود ينظرون فرأوا أمرا عجيبا أورثهم كمدا وغما ، ثم انصرفوا بغيظ شديد وأقبل عيسى . والحواريون وأصحابه حتى جلسوا حول السفرة ، فإذا عليها منديل مغطي . قال عيسى : من أجرؤنا على كشف المنديل عن هذه السفرة ، وأوثقنا بنفسه ، وأحسننا بلاء عند ربه؟ فليكشف عن هذه الآية حتى نراها ، ونحمد ربنا ، ونذكر باسمه ، ونأكل من رزقه الذي رزقنا . فقال الحواريون : يا روح الله وكلمته ، أنت أولانا بذلك ، وأحقنا [ ص: 229 ] بالكشف عنها . فقام عيسى ، - عليه السلام - ، واستأنف وضوءا جديدا ، ثم دخل مصلاه فصلى كذلك ركعات ، ثم بكى بكاء طويلا ودعا الله أن يأذن له في الكشف عنها ، ويجعل له ولقومه فيها بركة ورزقا . ثم انصرف فجلس إلى السفرة وتناول المنديل ، وقال : " باسم الله خير الرازقين " ، وكشف عن السفرة ، فإذا هو عليها سمكة ضخمة مشوية ، ليس عليها بواسير ، وليس في جوفها شوك ، يسيل السمن منها سيلا قد نضد حولها بقول من كل صنف غير الكراث ، وعند رأسها خل ، وعند ذنبها ملح ، وحول البقول خمسة أرغفة ، على واحد منها زيتون ، وعلى الآخر ثمرات ، وعلى الآخر خمس رمانات .

فقال شمعون رأس الحواريين لعيسى : يا روح الله وكلمته ، أمن طعام الدنيا هذا أم من طعام الجنة؟ فقال : أما آن لكم أن تعتبروا بما ترون من الآيات ، وتنتهوا عن تنقير المسائل؟ ما أخوفني عليكم أن تعاقبوا في سبب نزول هذه الآية! فقال شمعون : وإله إسرائيل ما أردت بها سؤالا يا ابن الصديقة . فقال عيسى ، - عليه السلام - : ليس شيء مما ترون من طعام الجنة ولا من طعام الدنيا ، إنما هو شيء ابتدعه الله في الهواء بالقدرة العالية القاهرة ، فقال له : كن . فكان أسرع من طرفة عين ، فكلوا مما سألتم باسم الله واحمدوا عليه ربكم يمدكم منه ويزدكم ، فإنه بديع قادر شاكر .




يتبع