عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2008-05-01, 8:41 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
حالهم مع القرآن 2/ 2
ويقول الصنعاني : " فإن من قرع سمعَه قولُه تعالى : { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [(20) سورة المزمل] يفهم معناه دون أن يعرف أن ( ما ) كلمة شرط ، و( تقدموا ) مجزوم بها لأنه شرطها ، و ( تجدوه ) مجزوم بها لأنه جزاؤها ، ومثلها كثير ... فيا ليت شعري ! ما الذي خص الكتاب والسنة بالمنع عن معرفة معانيها وفهم تراكيبها ومبانيها.. حتى جعلت كالمقصورات في الخيام .. ولم يبق لنا إلا ترديد ألفاظها وحروفها ... " اهـ

إن الصحيح والحق في هذه المسألة أن القرآن معظمه واضح وبين وظاهر لكل الناس ، كما قال ابن عباس : التفسير على أربعة أوجه : "وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر احد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله " ومعظم القرآن من القسمين الأولين . إن عدد آيات الأحكام في القرآن 500 آية ، وعدد آيات القرآن 6236 آية .

إن فهم الوعد والوعيد والترغيب والترهيب والعلم بالله واليوم الآخر لا يشترط له فهم المصطلحات العلمية الدقيقة من نحوية وبلاغية وأصولية وفقهية . فمعظم القرآن بين واضح ظاهر يدرك معناه الصغير والكبير ، والعالم والأمي ، فحينما سمع الأعرابي قول الله تعالى : {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [(23) سورة الذاريات] قال : من ذا الذي أغضب الجليل حتى أقسم . وحينما أخطأ إمام في قراءة آية النحل { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} [(26) سورة النحل ] قرأها من تحتهم صوب له خطأه امرأة عجوز لا تقرأ ولا تكتب.

إن القرآن بين واضح ظاهر وفهمه وفقهه وتدبره ليس صعبا بحيث نغلق عقولنا ونعلق فهمه كله بالرجوع إلى كتب التفسير ، فنعمم حكم الأقل على الكل فهذا مفهوم خاطئ وهو نوع من التسويف في تدبر القرآن وفهمه .

إن إغلاق عقولنا عن تدبر القرآن بحجة عدم معرفة تفسيره ، والاكتفاء بقراءة ألفاظه مدخل من مداخل الشيطان على العبد ليصرفه عن الاهتداء به .

وإذا سلمنا بهذه الحجة فإن العقل والمنطق والحزم والحكمة أنك إذا أشكل عليك معنى آية أن تبادر وتسارع للبحث عن معناها والمراد بها لا أن تغلق عقلك فتقرأ دون تدبر أو تترك القراءة .)(من كتاب مفاتيح تدبر القرآن خالد اللاحم).

فقد عاش سلفنا الصالح أروع الأوقات بين دفتي المصحف وغاصوا في مكنون درره مابين باكٍٍ وخاشع وراجٍ الله ومسبحا له ومستعيذا به من عذابه لأنهم فقهوا آياته وعلموا معانيها وتدبروها بقلب خاشع حاضر متمثلا في إمامها وقدوتها الذي هو أعرفهم بالله وأتقاهم لله حيث يصف [ابن مسعود]حادثته مع النبي كما في الصحيحين :حيث قال له " يا عبد الله اقرأ عليّ القرآن فيخجل عبد الله ويستحي من شيخه صلى الله عليه وسلم ويقول: كيف أقرأ القرآن عليك وعليك أنزل؟ قال : اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري قال : فاندفعت أقرأ في سورة النساء فلما بلغت قول الله {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً }النساء41 قال حسبك حسبك ، فنظرت فإذا عيناه ـ صلى الله عليه وسلم ـ تذرفان" تأثر من كلام الله الذي يقود النفوس إلى باريها وتذكر ذاك اليوم الذي يكون فيه شهيدا على العالمين .

وهاهم صحابته رضوان الله عليهم وحالهم مع القرآن هاهو[عثمان] ـ رضي الله عنه ـ كان ينشر المصحف من بعد الفجر إلى صلاة الظهر يقرأ ودموعه تنهمر على كتاب الله فيقول له الناس لو خففت عن نفسك قال أما والله لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من القرآن .

وقال محمد بن كعب القرظي لأن أقرأ {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا }الزلزلة1 و {الْقَارِعَةُ }القارعة1أرددهما وأتفكر فيهما أحب من أن أبيت أهذّ القرآن.

قال النووي : وقد بات جماعة من السلف يتلو الواحد منهم الآية الواحدة ليلة كاملة أو معظمها يتدبرها عند القراءة.

قال ابن قدامة : وليعلم أن ما يقرأه ليس كلام بشر وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه ويتدبر كلامه فإن التدبر هو المقصود من القراءة وإن لم يحصل التدبر إلا بترديد الآية فليرددها.

فهذا حالهم مع القرآن فلنسبر حالنا معه فعلينا أن نتمثل القرآن في معاملاتنا وأخلاقنا وسلوكياتنا.

وأوجه الكلام لحملة تاج الوقار من رجال ونساء في حلق ودور تحفيظ القرآن حيث أنهم هم منظار الدين والقدوات للناس أجمعين .

وكلمة خاصة مع جزيل الشكر والعرفان لمعلمي ومعلمات القرآن :

أنتما على ثغرة وبين أيديكم أبناء الغد المنتظر ودعائم الأمة بل بين يديكم أمانة وعلى عاتقكم مسؤولية فهيهات هيهات تضييعها فعليكم بالإحسان والتحلي بخلق القرآن وإخلاص النية لله واستشعار عظمة الله وقدرته ولايكن هم أحدكم متى ينتهي المقرر أو متى يختم المتعلم فالمسؤولية أكبر ليكن هم أحدكم هل فهم المتعلم هل تدبر هل عمل بما تعلم ولا يكون ذلك إلا عن طريق إعطاء المعلومات بالشكل المبسط وإعطاء المعنى الإجمالي للآيات واستنباط الفوائد منها وربطها بالواقع وربطها بجانب العقيدة والشريعة والأخلاق إحالة الدارسين إلى بعض التفاسير الميسرة شرح المفردات والتعليق عليها تدارس القرآن من جميع الجوانب استشعار فضل ذلك من نزول الرحمة وغشيان السكينة واستغفار الملائكة وذكر الله لهم كما جاء في الحديث الشريف وغيره من الأحاديث المنادية بفضل طلب العلم عامة والعلم الشرعي خاصة .

اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك اللهم شَفِّع فينا القرآن اللهم ارفعنا بالقرآن اللهم أحينا على الإسلام والإيمان والقرآن وتوفنا على الإسلام والإيمان والقرآن اللهم اجعلنا ممن يأخذ بيده القرآن إلى رضوانك والجنة ونعوذ بك أن يكون القرآن خصماً علينا يوم الوقوف بين يديك اللهم اجعلنا ممن يقيم حدوده ويعمل بأوامره ويتلوه على الوجه الذي يرضيك عنا.