عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2015-02-03, 6:52 AM
نورهـــ
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية نورهـــ
رقم العضوية : 42311
تاريخ التسجيل : 19 - 12 - 2007
عدد المشاركات : 908

غير متواجد
 
افتراضي حق لهذه الواو أن تكتب بماء العينين ( الأمين الشنقيطي رحمه الله )
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في تفسيره " أضواء البيان " في سورة النور :

" من أرجى آيات القرآن العظيم قوله تعالى :

{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات بِإِذُنِ الله

ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ

وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُور الذي أَحَلَّنَا دَارَ المقامة مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا

فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } .

قد بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن إيراث هذه الأمة لهذا الكتاب ، دليل على أن الله اصطفاها في قوله :

{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا } [ فاطر : 32 ] وبين أنهم ثلاثة أقسام :

الأول : الظالم لنفسه ، وهو الذي يطيع الله ، ولكنه يعصيه أيضاً فهو الذي قال الله في فيه :

{ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } [ التوبة : 102 ] .

والثاني : المقتصد ، وهو الذي يطيع الله ، ولا يعصيه ، ولكنه لا يتقرب بالنوافل من الطاعات .

والثالث : السابق بالخيرات ، وهو الذي يأتي بالواجبات ويجتنب المحرمات ويتقرب إلى الله بالطاعات والقربات

التي هي غير واجبة ، وهذا على أصح الأقوال في تفسير الظالم لنفسه ، والمقتصد والسابق ،

ثم إنه تعالى بين أن إيراثهم الكتاب هو الفضل الكبير منه عليهم ،

ثم وعد الجميع بجنات عدن وهو لا يخلف المعياد في قوله : { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } [ فاطر : 33 ]

إلى قوله : { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } [ فاطر : 35 ]

والواو في ( يدخلونها ) شاملة للظالم ، والمقتصد ، والسابق على التحقيق .

ولذا قال بعض أهل العلم : حق لهذه الواو أن تكتب بماء العينين ،

فوعده الصادق بجنات عدن لجميع أقسام هذه الأمة ، وأولهم الظالم لنفسه يدل على أن هذه الاية

من أرجى آيات القرآن ، ولم يبق من المسلمين أحد خارج عن الأقسام الثلاثة ،

فالوعد الصادق بالجنة في الآية شامل لجميع المسلمين ولذا قال بعدها متصلاً بها :

{ والذين كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } .

[ فاطر : 36 ] إلى قوله : { فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } [ فاطر : 37 ] .

واختلف أهل العلم في سبب تقديم الظالم في الوعد بالجنة على المقتصد والسابق ،

فقال بعضهم : قدم الظالم لئلا يقنط ، وأخر السابق بالخيرات لئلا يعجب بعمله فيحبط .

وقال بعضهم : قدم الظالم لنفسه ، لأن أكثر أهل الجنة الظالمون لأنفسهم لأن الذين لم تقع منهم معصية أقل من غيرهم .

كما قال تعالى : { إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ } [ ص : 24 ]