عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 5  ]
قديم 2008-04-24, 9:19 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
هذا، ومن أعظم مقاصد الشريعة في الأمر بالقرار، هو حفظ المجتمع من الفتنة، فأعظم ما يهدده هو فتنة النساء، إذا خرجن كن غرضا للشيطان لإفساد العيون والقلوب والجوارح، لمكانهن من قلوب الرجال، وميلهم إليهن غريزة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها) .


--------------------------------------------------------------------------------

حجــاب المــــرأة....

- تغطـيــة الوجـــــه:

المسألة الثالثة التي يزعم المتحررون أن السلفية أهانت المرأة بها، هي: تغطية الوجه..

والمسألة مبنية على قول الشرع، فإن كان الشرع قد أمر بالتغطية فقد انتقض قولهم، حيث إن الشرع لا يأمر بما فيه إهانة للمرأة، وإلا فقد صح قولهم..

فبماذا أمر الشرع المرأة في حجابها؟..
- قال الله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.

هذه الآية نص في حجاب الوجه، وقد أجمع العلماء على ذلك، فالذي لا خلاف فيه أن أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مأمورات بتغطية الوجه وسائر البدن، فالآية لاتحتمل إلا هذا المعنى..

حيث نهى الرجال عن مخاطبتهن إلا من وراء ستار يفصل، وذلك يقضي بعدم النظر إلى شيء من بدن المرأة يدخل في ذلك الوجه..

ومع كون العلماء أجمعوا على أن الآية نص في تغطية الوجه، إلا أن فريقا ذهبوا إلى أنها خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فهن مأمورات بتغطية الوجه دون سائر النساء اللاتي هن مأمورات بتغطية ما سوى الوجه والكفين..

هذا القدر من الاتفاق والاختلاف لايخالف في حكايته فقيه، وعلى ذلك فتغطية الوجه مشروع: ففي حق أمهات المؤمنين واجب عند الجميع، وفي حق سائر النساء واجب عند فريق منهم، مستحب عند الفريق الآخر، وليس من العلماء من يقول إن تغطية الوجه بدعة أو عادة وليست عبادة..

فبالإجمال: حكم التغطية دائر بين الوجوب والاستحباب، لا يخرج عن ذلك..


--------------------------------------------------------------------------------

فإذا كان الأمر كذلك بطل قول من زعم أن التغطية إهانة للمرأة، وأن الذي يأمر المرأة بالتغطية قد أهان المرأة، بل هو قول الشارع وأمره، وهو قول العلماء، فمن لم يقل منهم بوجوبه، قال باستحبابه وأفضليته اقتداء بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن..

ومن ثم فإن الذي ينهى عن التغطية ويدعو إلى الكشف هو الذي يهين المرأة، وهو الذي يهون من شأن الشريعة، ويعبث بها، وهو بين جهل وهوى ورغبة في الفساد..

وإذا زعم من زعم أن المسألة خلافية بين أهل العلم، فلا ينبغي التشدد في ذلك، وترك الأمور تجري على هوى النساء ورغباتهن، قيل:
إن المسألة تدور بين الوجوب والاستحباب، لا بين البدعة والإباحة، فالذين يدعون إلى تغطية الوجه إنما يدعون إلى أمر واجب، في قول طائفة من العلماء، ويدعون إلى مستحب في قول الطائفة الأخرى، وهم في كل حال يدعون إلى الأفضل والأحسن، بشهادة كل أهل العلم..

وعلى ذلك فلا وجه لقول من يقول إنه لاينبغي دعوة النساء إلى التغطية، فعلى الناصح أن يدعو إلى الأحسن، ويدل الأمة إلى الأفضل في دينها، وإذا رأى قومه يبتغون السقوط والتنازل عن الخيرية والقبول بالمرتبة الأدنى، حق له أن يزجرهم وينهاهم، فإذا كانت النساء في بلد ما الأصل في حقهن حجاب الوجه، ثم أريد لهن الكشف بدعوى أن المسألة خلافية، ثم قام أهل العلم ونهوا عن الكشف، وزجروا وبالغوا في ذلك، ما كان حريا بهم إلا ذاك، لأن استبدال الأدنى بالذي هو خير فساد في الرأي، وقبول للدنية، وعلى الناصحين الفاهمين أن يسعوا في ردع من يبتغون الرجوع إلى الخلف..

وإذا كان الناس يسعون للارتقاء في أحوالهم ودنياهم، ويتألمون ويتحاشون الرجوع وفقدان المكاسب، فسعيهم للارتقاء في دينهم أولى، وتحاشي تبديل ما هم عليه من الحال الأعلى من التدين إلى الأدنى أحرى وأوجب..

ومن السذاجة ورقة الدين والجهل بمواقع الخير أن تختزل القضية في كونها خلافية، فتترك المرأة تغطية الوجه الذي نشأت عليه إلى الكشف، الذي هو أدنى بلا خلاف بين العلماء، بإذن ورضا من وليها.


--------------------------------------------------------------------------------

هذا وإن المجيزين للكشف من العلماء إنما قالوا بذلك بشروط:
- ألا تكون المرأة فاتنة.
- ألا تكون شابة.
- ألا يكون الزمان فتنة.

فلو عمل بهذه الشروط لما وجدت الكاشفة إلا قليلا، لكن جل الكاشفات أخذن بعض قولهم ورمين الآخر أو جهلنه، والواجب لمن قلد عالما في مسألة أن يأخذ قوله كله أو يتركه كله، أما الذي يأخذ أوله ويترك آخره ، فهذا لا يحق له أن يحتج في فعله هذا بهذا العالم.

فإن هؤلاء الكاشفات أخذن بقول المجيزين في الكشف، وأما الشروط فلم يلتفتن إليها ألبتة، وكذلك فعل دعاة السفور..

وعلى ذلك: جل الكاشفات اليوم مخالفات لأقوال جميع أهل العلم السابقين، سواء المجيزين للكشف، فضلا عن الموجبين للتغطية......


--------------------------------------------------------------------------------

ذلك كله باعتبار رجحان وقوة قول من أجاز الكشف، لكن كيف يكون الحال لو علم أن أدلة المجيزين للكشف لاترقى في قوتها ورسوخها أدلة الموجبين للتغطية؟..

فإن الأدلة التي استدل بها القائلون بالكشف لا تخرج عن أحد الأنواع التالية:
- إما أن تكون منسوخة، أي قبل نزول الأمر بالحجاب.
- وإما أن تكون ضعيفة، لم تثبت بإسناد صحيح.
- وإما أن تكون صحيحة، لكنها لاتدل على الكشف دلالة قاطعة، بل هي محتملة، وبالاحتمال يبطل الاستدلال، ولايصح بناء حكم واحد ملزم على نص محتمل، مع ترك النصوص القاطعة.
- وإما أن تكون صحيحة صريحة في الكشف، لكن لها ظرف خاص، وعذر خاص.

وهذا بخلاف أدلة الموجبين للتغطية فهي صحيحة صريحة عامة لا ناقض لها، وأبينها آية الحجاب الآنفة:{وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}..

فهذه نص في وجوب تغطية سائر البدن، يدخل فيه الوجه، بالإجماع، لا يختلف فيه قول عالم..


--------------------------------------------------------------------------------

ولسائل أن يقول: فإذا كانت الآية محل إجماع بين العلماء على تغطية الوجه، فمن أين أتى الخلاف؟.
فالجواب: أن الخلاف جاء من حيث إن بعض العلماء قصر حكم الآية على أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، ودليله أن خطاب الآية متجه إليهن..

لكن الصواب أن هذا القصر خطأ، ودليل خطئه العلة الواردة في الآية: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، فهذه هي علة الحجاب، ومعلوم أن علة الطهارة عامة، وسائر النساء من غير الأمهات أولى وأحوج إلى هذه الطهارة، ذلك لأن الأمهات مصطفيات، وسائر النساء لسن كذلك، فإذا المصطفيات أمرن بالحجاب طهارة لقلوبهن وقلوب الرجال إذا حادثنهم، فسائر النساء أولى بمثل هذا الأمر، لعدم الاصطفاء، وبذلك يكون الخطاب خاصا بالأزواج، لكن حكمه عام في جميع النساء..

فهذه العلة ظاهرة في الآية، وهي تدل على العموم، لكن من قال بأنها خاصة بالأمهات ألجأه إلى هذا القول نصوص تدل على جواز الكشف، فرام الجمع، وفي الجمع قد يكون الترجيح بغير يقين، بل بغلبة الظن، وهذا ما كان، ولو أن هؤلاء العلماء لم يكن بين أيديهم نص في الحجاب سوى الآية لما ترددوا في تعميمه، لكن لما وقفوا على نصوص توهم التعارض، فلم يجدوا لها مخرجا، قالوا: الآية خاصة.. ولو أنهم وقفوا على ضعف بعضها، وعدم صحة دلالة بعضها، ونسخ بقيتها، لما قالوا إلا بما يقتضيه العقل والوحي من أن الآية عامة، وأن خصوصية الخطاب، لاتمنع من عموم حكمها..

وآية أخرى تدل على وجوب الحجاب، قوله تعالى:
- {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}..

هذه الآية جمعت سائر النساء، بما فيهن الأمهات، في نص واحد، وحكم واحد، فأمرن بإدناء الجلباب، ولسنا بصدد بيان كيف يكون التجلبب، حيث الخلاف معروف، فالقائلون بجواز الكشف يفسرون الجلباب بمعنى يتوافق مع قولهم، والقائلون بالوجوب يفسرونه بما يوافق قولهم، لكن المراد أن الآية أمرت بالإدناء، وممن أمرن بذلك الأمهات، ومعلوم أن الأمهات مأمورات بتغطية كل البدن، بما فيه الوجه، وعلى ذلك فجميع النساء مأمورات بمثل ذلك، وهذا هو معنى الجلباب.

ومما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: - (المرأة عورة..).

وهذا نص صريح في وجوب ستر جميع البدن، بما فيه الوجه والكفان، فإن كون الشيء عورة فذلك يوجب ستره..


--------------------------------------------------------------------------------

وهكذا نجد النصوص الصحيحة الصريحة توجب التغطية، بينما أدلة الكشف:
- إما أنها صريحة في الكشف، لكنها ضعيفة من حيث السند، كحديث أسماء.
- وإما صحيحة غير صريحة في الكشف، كحديث الخثعمية.
- وإما أنها صحيحة صريحة لكنها منسوخة، أي قبل الأمر بالحجاب.
- وإما أنها صحيحة صريحة، لكن لها ظرف معين، وعذر خاص، فلا يؤخذ منه حكم عام.

وبمثل هذه الأدلة المحتملة لا يمكن نقض نصوص صحيحة صريحة قاطعة، كآية الحجاب، وآية الإدناء، وحديث: (المرأة عورة).. فكيف يمكن نقض حكم صريح قاطع بنصوص محتملة لها أوجه اعتذار؟!.

ثم إن أدلة التغطية أحكام شرعية صريحة، وأما أدلة الكشف، ما صح منها، فهي أخبار رواة، وليست من كلام الشارع، كحديث الخثعمية، وهي تحتمل عدة أوجه، وأقوال الشارع مقدمة على وصف الرواة..


--------------------------------------------------------------------------------

هذا وقد كان عمل المسلمين منذ عهد الصحابة إلى ثلاثة عشر قرنا تغطية الوجه، كما حكى ذلك الغزالي وابن حجر وأبو حيان الأندلسي، وغيرهم، وما انتشر الكشف إلا بعد حلول الاستعمار في بلاد المسلمين، بسعي من المستعمرين المحتلين الكفار، الذين نزعوا الحجاب وأحلوا السفور..

ومن حيث العقل والفطرة والواقع، لاتستوي الكاشفة وغير الكاشفة في الفتنة، فكل كشف يحمل معه الفتنة، والوجه مجمع الحسن، وإذا كان الشرع أمر بحجب القدمين، وهما في الفتنة دون الوجه، فالأمر بحجب الوجه أولى، وهذا هو الحاصل، أما دعوى المخالفين أن الكشف لحاجة البيع والشراء، فيرده استغناء المحجبة عن الكشف وعدم حاجتها لذلك عند بيعها وشرائها.

وفي كل حال فإن الآمر بتغطية الوجه، إنما يأمر بالصحيح من الأقوال، كما أنه يأمر بالأفضل على كل قول، وهو يأمر بما فيه صون المرأة وحفظها من العدوان بالنظرات وما وراء ذلك، ويأمر بما فيه سلامة القلوب وطهارتها، ويسعى في إطفاء نار الفتنة..

فهل من يأمر بأمر الشارع، ويدعو إلى الأفضل والأحسن، وصون المرأة، وسلامة الرجل، وفضيلة المجتمع ومثاليته، هل من يفعل ذلك يعد مهينا للمرأة؟..

أم الذي يدعو إلى الكشف مخالفا لأمر الله تعالى، مخالفا لقول العلماء، حتى المجيزين منهم، حيث لم يدع أحد منهم لكشف الوجه، ولم يفضلوه على التغطية؟.. والذي يسعى لزرع الفتنة، وفساد القلوب، ويسعى في إسقاط المرأة، لتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟..


--------------------------------------------------------------------------------

وأخيرا:
أيهما الذي أهان المرأة ؟!..
لابد وأنكم قد عرفتم الجواب..

نراكم على خير.. والسلام عليكم..

أبو سارة