المحافظة على وحدة الهوية العربِيَّة والإسلامِيَّة ..
التي تَرْتَقي بأفكارِه مَداركَ جليلة، وتسخِّر قلمَه لخِدمة هُوِيَّته العربِيَّة والإسلامِيَّة، وتوجِّه غاياتِه وِفْقَ المنهج الدِّيني والثَّقافي الذي لا يفْصِل بين العقل والنَّقل، ولا بين الدِّين والعِلم في حياة الأفراد والجماعات وواقِع الأمَّة ..
فعلى الكاتب .. أن يجعل ولاءَه وانْتِماءَه لدينِه ومبادئِه، متحرِّرًا من وَطْأَة الغزو الفكري الغربي، ومستقِلاًّ عن أيِّ انْتِماءٍ يسْتبِدُّ بقلمِه أو يحْتكِر أفكارَه وإنتاجَه العلمي، حتى لا يفقِد ثِقَة القرَّاء، وتقديرَهُم واحترامَهُم لقلمِه ولمِصْداقيَّة أفكارِه، ونزاهَةِ كلمتِه، ونُبْلِ غاياتِه، ويصَنِّفوه كاتِبًا مُنْتمِيًا، يتاجِر بقلمه ومبادئِه وأفكاره، ومُواليًا لمن يُلبِّي مصالِحَه الماديَّة ومَطامِحَه السَّاقِطَة.
وعلى الكاتب أن يكون مسؤولاً .. حريصًا على الكلمة التي يخاطِب بها جمهورَ قرَّائِه، فلا يسَخِّرها كسلعَةٍ رخيصَة ومُبْتذَلة تهدِّد السِّلم والأَمن الوطني، وتُثِير الفِتَن بين الشُّعوب والقبائل، وتهدِّد مستقبل الأمَّة ..
وأن يكونَ أمينًا .. يهْتدي في الكلمة التي يكتبُها بهُدى الله ويحْتكِم إلى حكمِ الله، مطبِّقًا لجلالَة ذاك الخطاب الرّباني الموجِّه لسُلوكِ الفرد والجماعة، في قوله تعالى : ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴿٥٠﴾ ﴾ ﴿المائدة﴾
وأن يكون مجدِّدًا .. يجتهد في سلوكِ الطَّريق إلى بُلوغِ الغايَة، ومَجْدِ العلم وشرفِ التَّقوى، آخِذًا بيَدِ الإنسانِيَّة ورحيمًا بها، ومن الأمْجادِ الذين تفتخِر بهم الأمَّة وأبناءُ الوطن، وممَّن ارْتقوا بشرفِ كلمتهم منابِر العِلم، وتحَلَّوْا بمكارِم الأخلاق، وتزيَّنوا بالخِلال والآدابِ الرَّفيعة..
ومعتزًّا بتاريخِه المجيد.. منافِحًا عن قيمه العربِيَّة والإسلامِيَّة، حتى لا تتحوَّل رسائِلُه إلى موالاة لأفكار مُسْتَعارة ومُسْتَوردة، ومعاني مقلَّدة لا تمُتُّ إلى دينِه وثقافَتِه بصِلَة، ولا تعبِّر عن واقعِه ولا عمَّا يؤمِن به من قِيَم دينِيَّة واجتماعِيَّة وإنسانِيَّة ..
فالكتابة قضيِّةٌ وغاية إنسايَّة نبيلة
تجعل الكاتب يُعيد التَّفكير في طريقَة الكتابة واتِّجاهاتِها، حتى تؤدِّي مهامَّها التربوِيَّة في حياةِ الأفراد والمجتمعات، وتتبنَّى أفكارًا رائِدَة تخدُم رسالةً مقدَّسَة تنهَض بالثَّقافَة، التي تجمع بين الأصالَة والمعاصَرة، والتوسُّط والاعتدال، والثَّابِت والمتحَرِّك في الفَهم والمُمارسَة، والمنهج والتَّخطيط، فلا إِفراطَ في المُحافظَة على الهُوِيَّة إلى حَدِّ الغُلو والجُمود، ولا تفريطَ في التقدُّم بحَركة الإصلاح والتَّغيير إلى حَدِّ الانْفِلات، وضَياعِ الهُويَّة ومقوِّمات الشَّخصيّة الإنسانِيَّة .
والكتابة لها وظيفة تَربوِيَّة تسعى لتخريجِ أجيال مسلمَة تعرف حقيقةَ دينِها، وتاريخِها الإسلامي، وحضارَتِها، وأمجادِها، وكيانِها، ووجودِها المُسْتَقِل، وتتمسَّك بإِحْياءِ كلِّ ما يمثُّ إلى مصادِرِ ثقافَتِها، وقيمِها الدينِيَّة والأخلاقِيَّة، لتجاوُز فترة الانْحِسار الفِكري والثَّقافي، الذي تحكَّمت فيه جملة من العوامل الداخلِيَّة والخارجِيَّة، فجعلت البَوْن شاسِعًا بين المجتمعات العربِيَّة والغربِيَّة، وتنمِيَة المَلكات العقلِيَّة، والمَهارات الذهنِيَّة في الاستيعاب والوَعي، والاجتِهاد في اكتِساب المَعلومات عن طريق المعرفَة الصَّحيحة، والأَخْذِ بأسبابِها السَّليمة ومَناهجِها العلمِيَّة الرَّصينَة، لفهمِ طبيعَة الأشياء وماجَريات الأحداث وخصائِص النَّفس البشرِيَّة، وتطويرِ الذَّات المفكِّرة لخَوضِ غِمار البحث واكْتِشاف المَجهول، وسَبْرِ الخَبايا وأسرارِ الحقائِق التي لم يحْجُبها الخالق عن ذَوي الأَلباب والعقولِ الرَّشيدة من العلماء العامِلين..
وفي الختام ..
لابدَّ من توجيه وتأهيل الأقلام لتَضْطَلِع بمهامِّها المَنوطة بها، فلا تحْجُب أفكارها ومعارفَها خلفَ سِتارَةِ الظِّل، كما أنَّ الأَضواءَ والشُّهرة، وكَثرة التَّصفيق والمَديح ليست هي من تصنع كاتبًا متمرِّسًا، ولا هي من ترفَعُه إلى القِمَّة، وتهَبُه تقديرًا عظيمًا، ومكانةً علمِيَّةً ثابِتَة عبر العصورِ والأجيال، إنَّما الذي يرفَع الكاتب إلى القمَّة هو قلمُه الملتزِم بالحق، وبالكلمة الصَّادِقَة الخالِصَة، وسَعْيُه النَّبيل لتَرسيخ قِيَم الدِّين وإِشاعَة فضائِلِه، وبَعْثِ جَذْوةِ الإيمان، وإحياءِ العلوم والمَعارِف، وتخليدِ بصمَة مشرقة في ذاكرةَ الأمَّة ..
منقول ,,,,,,,,,,,,,,,,,,