6-الأسقام والأوجاع المؤلمة:
ومما ينصر الله به أوليائه أن يسلط على عدوهم الأمراض التي تفتك بهم ، فيتولى الله عز وجلحربهم بهذه الجنود التي لا قبل لهم بها ، كما في الحديث القدسي يقول الله عز وجل :(من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب…) الحديث (84)
وهذه الأوبئة التي يسلطها الله على أعدائه تكون غالبا من النوع الذي لا يمكن للأطباء أن يقاوموه حيث أنها أوبئة جديدة لم تكن معروفة لهم من قبل فيظلوا زمناً يبحثوا عن طريقة لعلاج ذلك الوباء ، ثم يسلط الله عليهم وباءً جديداً وهكذا ،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ) (85)
ومن الأمراض التي سلطها اللهعز وجل على المفسدين في هذا الزمان وما هي من المجرمين ببعيد :
مرض الزهري: وعن خطورة هذا المرض يقول الدكتور توماس :إن خطر هذا المرض لايقل عن خطر السرطان0 (86)
مرض الهربس: والذي فرض نفسه شبحاً مرعباً في نفوس اولئك الذين تعدو على حرمات الله عز وجل0
وقد اوضح تقرير لوزارة الصحة الأمريكية أن الهربس يفوق في خطورته مرض السرطان0 (87)
مرض الأيدز: وهذا المرض كما يقول الأطباء يقتل اكثر من 75٪
ويقول الدكتور جيمس كوران العامل في مراكز السيطرة على الوباء في مدينة أتلانتا في ولاية جـورجـيـا أن ما بـيـن ملـيـون إلى ملـيـون ونصف آخرين قدأصيبوا بهذا الوباء ، وحسب تخمينات الدكتور كوران المستقبلية فـإن(41) ألـف حالة جديدة ستظهر هذا العام في حين سيبلغ عدد الذين سيعانون المرض في أمريكا لـوحـدها مع حلول عام 1992 (365) ألف ، هذا وقد توفي إلى الآن نصف المجموع الكلي لمـرضى الإيدز في أمريكا ، وقد بلغت دقة هذه التقارير في الأعوام الماضية نسبة 98%. (88)
وقد سلط اللهعز وجل هذا النوع من السلاح على كثير من أهل الفساد من السابقين ، فقد سلط اللهعز وجل الطاعون على بني إسرائيل، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ) (89) وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرني أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء ..) (90)
قال ابن القيم متحدثاً عن مفاسد الاختلاط: (ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة.. وهو من أسباب الموت العام والطواعين المهلكة. ولما اختلط البغايا بعسكر موسى ـ عليه السلام ـ وفشت فيهم الفاحشة أرسل الله عليهم الطاعون فمات في يوم واحد سبعون ألفاً، والقصة مشهورة في كتب التفسير؛ فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات) (91).
7-أهون المخلوقات
إن من هوان الطغاة والجبابرة على الله أنه ربما سلط عليهم أهون مخلوقاته فتهلكهم، وفي ذلك ابلغ الدلالة على حقارتهم وهوانهم على الله ، كما أن ذلك من أوضح الدلالة على عظمة الجبار القوي المتعال عز وجل وهو مما يبعث في قلوب أوليائه الثقة والطمأنينة فيصبح العدو في أعينهم أهون من الذباب. فقد سلط الله على النمرود(الطاغية ) يوم أن تكبر وأدّعى الألوهية سلط الله عليه بعوضة قال أبن كثير في تفسيره:( وبعث الله إلى ذلك الملك الجبار ملكاً، يأمره بالإيمان بالله، فأبى عليه، ثم دعاه الثانية فأبى ثم الثالثة فأبى، وقال:اجمع جموعك وأجمع جموعي، فجمع النمرود جيشه وجنوده وقت طلوع الشمس، وأرسل الله عليهم باباً من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس، وسلطها الله عليهم
فأكلت لحومهم ودماءهم، وتركتهم عظاما بادية، ودخلت واحدة منها في منخري الملك، فمكثت في منخريه أربعمائة سنة، عذبه الله بها، فكان يضرب برأسه بالمرازب في هذه المدة كلها، حتى أهلكه الله بها). (92)
ومن ذلك ما سلطه اللهعز وجل على بني إسرائيل حينما عاندوا موسى عليه السلام فأرسل عليهم الجراد ، والقمل ، والضفادع .. كما قال عز وجل :
}وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ $ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ$ وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ$ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ{ (93)
قال سعيد بن جبير: لما أتى موسى عليه السلام فرعون قال له: أرسل معي بني إسرائيل فلم يرسلهم فأرسل الله عليهم الطوفان وهو المطر فصب عليهم منه شيئاً خافوا أن يكون عذاباً فقالوا لموسى: ادع لنا ربك يكشف عنا المطر فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فأنبت لهم في تلك السنة شيئاً لم ينبته قبل ذلك من الزرع والثمار والكلأ فقالوا: هذا ما كنا نتمنى فأرسل الله عليهم الجراد فسلطه على الكلأ، فلما رأوا أثره في الكلأ عرفوا أنه لا يبقي الزرع، فقالوا لموسى ادع لنا ربك فيكشف عنا الجراد فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فكشف عنهم الجراد فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل فداسوا وأحرزوا في البيوت فقالوا قد أحرزنا فأرسل الله عليهم القمل وهو السوس الذي يخرج منه فكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى
الرحى فلا يرد منها إلا ثلاثة أقفزة فقالوا يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا القمل فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فكشف عنهم فأبوا أن يرسلوا معه بني إسرائيل. فبينما هو جالس عند فرعون إذ سمع نقيق ضفدع فقال لفرعون ما تلقى أنت وقومك من هذا فقال وما عسى أن يكون كيد هذا فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع ويهم أن يتكلم فتثب الضفدع في فيه، فقالوا لموسى ادع لنا ربك يكشف عنا هذه الضفادع فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا وأرسل الله عليهم الدم فكانوا ما استقوا من الأنهار والآبار وما كان في أوعيتهم وجدوه دماً عبيطاً فشكوا إلى فرعون فقالوا إنا قد ابتلينا بالدم وليس لنا شراب فقال: إنه قد سحركم، فقالوا من أين سحرنا ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئاً من الماء إلا وجدناه دماً عبيطاً فأتوه وقالوا يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل . (94)
ومما يدل على أن هذه المخلوقات وغيرها من جنود الله عز وجل يسلطها على من يشاء قوله صلى الله عليه وسلم :(لا تقتلوا الجراد ،فإنه من جند الله الأعظم ) (95)
وهذا مما يبعث الثقة في نفوس المؤمنين بأن الله ناصرهم وجاعل الغلبة لهم والدائرة على أعدائهم ، فلا ترعبهم الصواريخ الذكية ولا القنابل العنقودية ولا أسلحة الدمار الشامل بكل أنواعها . } وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ{ (96)