عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2008-04-13, 6:48 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي أسلحة لا تصنعها الحضارات
أسلحة لا تصنعها الحضارات



محمد بن عبدالله الشمراني *


إن الحرب مع الأعداء لا تكاد تعرف إلا منطق القوة سواء كانت هذه القوة هي القوة الحسية المادية أو القوة المعنوية الغيبية ، لذا قال الله عز وجل :- }وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ..{ (1) ومن الخطأ الفادح أن تقيّم معادلة القوة بالنظر إلى أحد جانبيها ( الحسي أو المعنوي ) مع إغفال الجانب الآخر . وأعظم من ذلك خطأًًُ الاعتماد على جانب دون الجانب الآخر ، كمن يعتمد فقط على نصر الله لعباده المؤمنين إنطلاقاً من قوله عز وجل :- }وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ،إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ{ (2) فيدعوه ذلك إلى ترك الأخذ بالأسباب المادية ، أو يرى أن عدم التكافؤ في الأسباب المادية يوجب الهزيمة والاستسلام ، ويظن أن مواجهة الأعداء مع عدم التكافؤ المادي الحسي (( التكنولوجي )) إلقاء بالنفس إلى التهلكة ، والحق أن قوله عز وجل : } وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ { (3) جاء في سياق الآيات وهي تلفت النظر إلى الجانب الأهم للقوة وهو جانب معية الله لعبادة المتقين ، قال عز وجل : } فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ % وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{ (4) قال ابن عباس رضي الله عنه : ليس التهلكة أن يُقتل الرجل في سبيل الله ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله .(5) ولما قام رجل من الصحابة في غزوة القسطنطينية فحمل على العدو حتى دخل فيهم ثم خرج فصاح الناس وقالوا : سبحان الله ألقى بنفسه إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هكذا أن حمل رجل يقاتل يلتمس الشهادة أو يبلى في نفسه إنما نزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار ، أنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه ، قلنا فيما بيننا بعضنا لبعض سراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله في كتابه يرد علينا ما هممنا به ، فقال عز وجل :}وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ{ (6) فالا لقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها ، وندع الجهاد قال : أبو عمران فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية 0 (7) .