كلمة الران وردت في القرأن الكريم وفي السنة النبوية، وقد قال مجاهد رحمة الله عليه:
هو الذنب على الذنب حتى تحيط الذنوب بالقلب وتغشاه فيموت القلب، أي كثرة الذنوب دون معالجتها بالإستغفار والثوبة، فتتضاعف حتى تغشى القلب فيموت......
وهذه الكلمة استخدمها الأستاذ جمال ماضي الخبير التربوي فيما يخص المشاكل المتتابعة في البيوت فقال:
الأصل في الران الذي يتكون على القلوب، لتراكم الذنوب والخطايا وتفاقم المعاصي، وهذا الران هو كثافة سوداء تسيطر على القلب فترد نور الله أن يصل إليه، ونور الله لا يتوقف ولكن تخطئه القلوب السوداء.
كذلك البيوت: ( ران البيوت )، كثافة سوداء ترد أي سعادة ، وتعكس أي بهجة، وتضعف أي مودة، وتقلل أي رحمة، فيخبو الحب، وتنهار اللحظات الجميلة.
والحل في نظر الكاتب: أن نتعلم وسيلة تساعدنا على إزالة المشكلة وعدم السماح بتكون الران في بيوتنا، ولهذا جاءت نصيحة الكاتب باللجوء إلى المواجهــــــــــــــــــــة، ولكن بفن، وذوق.
لا تجـــــــــــــــــــــاهل، ولا إهمــــــــــــــــــــــــــال، ولا لامبالاة، ولا سلبيــــــــــــــــــــة، في تعاملنا مع المشكلة، لأن هذا الأمر يجعلها تكبر، فيصعب حلها، وتلحق بغيرها من المشكلات فيتكون ما ذكرناه سابقا: ( ران البيوت ).
ويدعونا الكاتب بداية أن ننظر للمشكلة على أنها تحــــدي، لأنه يرى أن المشكلة فيها انكسار وهزيمة ومصيبة وأزمة وكارثة، وغالبا ما تصاحبها أحساسيس واهنة، ومشاعر حائرة، وعواطف فاترة، أما ( التحدي ) فالظاهر حتى من نطق حروفه أنه يحوي المواجه والمدافعة والقوة والعزيمة والإرادة والثقة الكاملة في الانتصار.
وأول فن ن فنون التحدي هو فن المواجهة:
ضرب لنا الكاتب مثال على الحالة التي تصل إليها المشكلة عندما نتركها ولا نبادر لمواجهتها فقال:
الزوجة التي عانت من تجاهل الزوج، وعدم مبالاته عند المشكلة، فلا يصالحها أو يكلمها فتضطر هي لمصالحته، وقد يرد عليها ردا أليما مع أنه قد يكون مخطئا.
والزوج الذي يعاني بأنه هو الذي يعود ويصالح، ولا يجد من زوجته إلا الإهمال والتمادي في عدم التقدير على أمل منها أنه يعود في كل مرة، مع أنها هي المخطئة؟؟؟
هذان المشهدان متكرران كثيرا، وسبب ذلك يكمن في أن الزوجين لم يتدربا على فن المواجهة، وهو الأمر الذي يجعل الحل ممكنا والتحدي ناجحا، فالمبادرة بالصلح بين الزوجين، مع احتمال الخطأ من الآخر، هو أول خطوة في المواجهة حفاظا على الحياة الزوجية ، واستمرار لأيام جميلة قد نحرم أنفسنا منها أزمانا.
وما صور الإهمال واللامبالاة والتجاهل، إلا هروب من مواجهة المشكلة أو مواجهة الطرف الآخر، من وهم ما يلاقيه إما من معاناة العودة، فيؤثر الابتعاد لخوفه من ردة الفعل عن خطئه، أو يؤثر الصمت لضعف في شخصيته أو تكبرا وغرورا في شخصيته!!
أول خطوة عملية في ممارسة فنون المواجهة كما يراها الأستاذ جمال:
*** إختيار الوقت المناسب.
يحثنا من خلال هذه الخطوة على تحري الوقت المناسب الذي يكون فيه أحد الزوجين سعيدا، وقد وضح الكاتب أن شعور أحدهما بالسعادة قد يساهم في التخفيف من ردة الفعل السلبية....
ولكن، هناك أمور غير متوقعة قد تحدث حتى في هذا الوقت السعيد، ولكننا لا نستطيع أن نتوقف، لابد من المبادرة، ولابد من تحري الوقت المناسب قدر الإمكان، ونتوكل على الله، لأن ردة الفعل في علم الغيب، ونحن ما علينا إلا أن نضع عيننا على الهدف، ( وهدفنا هو المصالحة )، فيتطلب من كل من الزوجين أن ينتظر ويتحين الفرص ويتدرج في الوصول إلى الهدف، وهذا ما يطلق عليه ( سير العقلاء )
يتبع– إن شاء الله في يوم آخر –خطوات عملية أخرى للممارسة فنون المواجهة .
