عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 102  ]
قديم 2014-07-30, 9:53 PM
【 ثبات الجبال 】
أشتراك ماسي حتى 2016-03-25 (هدية من الموقع )
رقم العضوية : 145809
تاريخ التسجيل : 18 - 4 - 2011
عدد المشاركات : 5,850

غير متواجد
 
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

أيها الإخوة الكرام، لابد للمؤمن من أن يدفع ثمن الجنة، فإذا اطمئن الناس يخاف هو، وإذا غفل الناس يذكر هو، وإذا تفلت الناس ينضبط هو، وقد وصف الله حال المؤمن في آيةٍ في السجدة قال:

﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾
[ سورة السجدة الآية: 16 ]
المعنى الواسع لهذه الآية، أن كل شيءٍ تركن إليه النفس هو لا يركن إليه، الناس يسترخون، يستمتعون، ينامون، يأكلون، يشربون، يضحكون، يغوصون في أمور الدنيا، هو قلق، قلقٌ على مصيره، قلقٌ على حسن خاتمته، قلقٌ على مسعاه إلى الجنة، فالله عز وجل قال:
﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾
يعني لا يركن إلى متع الحياة الدنيا، لا يراها كل شيء، لا يراها هدفاً من أهدافه الكبيرة، هدفه مرضاة الله عز وجل:

﴿ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾
[ سورة السجدة الآية: 16 ]
هناك مقياس دقيق، إذا زاد الرجاء ضعف الانضباط، وإذا زاد الخوف ضعف الرجاء، من السهل جداً أن ترجو الله رجاءً ساذجاً من دون عمل، وأن تطمع في رحمته من دون التزام، وسهلٌ جداً أن تخافه خوفاً غير معقول، فلا ترجو رحمته عندئذٍ، كلاهما حالةٌ مرضية، الوضع المتوازن أن ترجوه بقدر ما تخافه، وأن تخافه بقدر ما ترجوه، أن تكون بين الخوف والرجاء، أن تعبده رغباً ورهباً، التوازن يحتاج إلى بطولة، أما التطرف سهل جداً في أي شيء، التطرف سهل، أما التوازن يحتاج إلى دقة، لذلك:

﴿ َتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
[ سورة السجدة ]
إذاً هو على اتصالٍ بالله، ومع الاتصال خوفٌ وطمعٌ في وقتٍ واحد، على مستوى العمل:
﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
يعني بنى حياته على العطاء، مما أتاه الله.
يعني سمعت قصة أن امرأةً أصيبت بمرضٍ خبيثٍ في دماغها، فنذرت إن شفاها الله أن تقدم كل ما تملك في سبيل الله، فشفيت، طيب ماذا تملك؟ امرأةٌ فقيرةٌ جداً، لا تملك شيئاً، سمعت أنها بدأت تطبخ طبخاً نفيساً، وتبيعه إلى أسرٍ غنيةٍ، والفرق تعالج به المرضى وأقبل الناس عليها إقبالاً شديداً، طبخ بيتي، مستوى عالي جداً، وتأخذ ثمن هذا الطعام مع ربحٍ جيد، الأرباح كلها لم تتدخل جيبها، إنما قُدمت لمعالجة المرضى، فارتقت عند الله، ماذا تملك هذه المرأة؟ أنها تطبخ طبخاً جيداً فقط، ما في إنسان ما عنده ميزة بالأرض.
واحد وهب عرضه لمن اغتابه، أبو ضمضم: يا رب وهبت عرضي لمن اغتابني، سامحته، كان يقدر أن يقاضيه، فما في إنسان ما في عنده شيء، فهذا الشيء لو أنك نذرته لله:

﴿ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي ﴾
[ سورة آل عمران الآية: 35 ]
نذرت ابنها، أو وليدها إن صح التعبير، ففي واحد يملك خبرة، واحد اختصاص واحد لغة أجنبية.
والله البارحة أخ كريم قال لي: أنا أستاذ في الجامعة، ومتخصص في الكيمياء وأنا بخدمة هذه المسجد، عرض إمكانيته، هذا باختصاص، هذا بمهنة، هذا بحرفة هذا بمال هذا بخبرة، هذا بترجمة، هذا بموضوع، لابد أن تقدم شيء لله عز وجل خالص هذا الشيء هو ثمن الجنة، نعم هؤلاء الذين يستحقون الجنة:

﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾



قوله تعالى : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون } . فيها ثلاث مسائل :

المسألة الأولى : المضاجع جمع مضجع ، وهي مواضع النوم . ويحتمل وقت الاضطجاع ، ولكنه مجاز . والحقيقة أولى ، وذلك كناية عن السهر في طاعة الله تعالى .

المسألة الثانية : إلى أي طاعة الله تتجافى ؟ وفيه قولان :

أحدهما : ذكر الله . والآخر الصلاة . وكلاهما صحيح ، إلا أن أحدهما عام ، والآخر خاص .

فإن قلنا : إن ذلك في الصلاة ، فأي صلاة هي ؟ في ذلك أربعة أقوال ، وهي :

المسألة الثالثة : الأول : أنها النفل بين المغرب والعشاء ; قال
قتادة .

الثاني : أنها العتمة ; قاله
أنس وعطاء .

الثالث : أنها صلاة العتمة والصبح في جماعة ; قال
أبو الدرداء . [ ص: 533 ]

الرابع : أنه قيام الليل ; قاله
مجاهد ، والأوزاعي ، ومالك .

قال
ابن وهب : هو قيام الليل بعد النوم ، وذلك أثقله على الناس ، ومتى كان النوم حينئذ أحب فالصلاة حينئذ أحب وأولى .




توقيع 【 ثبات الجبال 】


(أسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، الحَيُّ القَيُّومُ، وَأتُوبُ إلَيهِ)