د . عبدالسميع الأنيس
من ا ﻷقدار الحزينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
من ا ﻷقدار الحزينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مدة فتور الوحي وانقطاعه، التي امتدَّت أيامًا!
* يا لله! كم كانت هذه اﻷيام والليالي شديدة الوطأة على ذلك القلب الذي امتﻸ محبَّةً وشوقًا لفاطر السموات واﻷرض، فالق الحَبِّ والنَّوى، خالق الحياة واﻷحياء! *
وكم كانت قاسية على ذلك القلب الذي أَنِسَ بقرب ربه، وذاق حﻼوة مناجاته، وعطاء فيوضاته!
* وكم كان مضطربًا مُتزلزﻻً من لوعة الفراق! ولم يَطمئنَّ ذلك القلب، ولم يهدأ اضطرابه، ولم يسكن قلقه، إﻻ عندما خاطَبَه ربه بقوله:
﴿*وَالضُّحَى***وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى***مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى*﴾ [الضحى: 1 - 3]
أي: ما أبغضك ربك منذ أحبَّك.
* وكأن الحق تعالى يقول لنبيه: إن صِلَتي بك ﻻ يؤثر فيها انقطاع، و ﻻ يطرأ عليها ترك وﻻ جفاء، فهي في قوتها ووضوحها
مثل: إشراقة الضحى في أول النهار.
* وهي في استقرارها مثل:*سكون الليل إذا سَجى.
وهي في اتصالها مثل:*اتصال النهار بالليل، والليل بالنهار.
* إن هذا اﻻنقطاع كان بمثابة الوقود الذي زاد من اشتعال ذلك القلب شوقًا لربه، وتعلقًا به، وتحرُّقًا لسماع كلماته.
* وقد جاء في رواية: "أبطأ جبريل على النبيِّ صلى الله عليه وسلم حتى شقَّ عليه، فجاء وهو واضع جبهته على الكعبة يدعو، فنكت بين كَتِفيه، وأنزل عليه: ﴿*مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى*﴾ [الضحى: 3].