عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 16  ]
قديم 2014-06-08, 2:33 AM
مها
النائبة الأولى للمشرف العام ومعبرة معتمدة رقم1
الصورة الرمزية مها
رقم العضوية : 128
تاريخ التسجيل : 9 - 8 - 2004
عدد المشاركات : 25,585

غير متواجد
 
افتراضي

تابع


وقد أخبر كثير من الأولياء عن أمور مُغَيَّبة، فكانت كما أخبروا وهذا من الإلهام، وقد نتساءل ما الإلهام ولماذا قلَّ اليوم؟
فأقول: قال الإمام ابن حجر في الفتح: وكان السرّ في ندور الإلهام في زمنه صلى الله عليه وسلم وكثرتُه من بعده، غلبةَ الوحي إليه صلى الله عليه وسلم في اليقظة وإرادةَ إظهار المعجزات منه، فكان من المناسب أن لا يقع لغيره منه في زمانه شيء، فلما انقطع الوحي بموته وقع الإلهام لمن اختصّ الله به للأمن من اللبس في ذلك.. وفي إنكار وقوع ذلك مع كثرته واشتهاره مكابرةٌ ممن أنكره. وقد فصل ابن حجر في الفتح الفرق بين الإلهام والرؤيا وذكر أن الإلهام
هو: ما حرك القلب لعلم يدعو إلى العمل به من غير استدلال وحكاه عن أبي زيد الدوسي من أئمة الحنفية، قال والذي عليه الجمهور أنه لا يجوز العمل به إلّا عند فقد الحجج كلها في باب المباح، وذكر كلاماً آخر نفيساً.
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أحياناً يقصّ الرؤيا على الصحابة فيعبرها أحدهم فيقرُّه على تعبيره، وهذا من باب التعليم منه صلى الله عليه وسلم ومما يروى في هذا ما جاء عن ابن شهاب قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا فقصَّها على أبي بكر فقال: (( يا أبا بكر، رأيت كأني استبقتُ أنا وأنت درجة فسبقتُك بمر قاتين ونصف))
والمِرْقاه: الدرجة.
فقال أبو بكر: يا رسول الله، يقبضك الله إلى رحمته ومغفرته وأعيش بعدك سنتين ونصفاً.
وهذا الحديث ذكره السيوطي في الخصائص الكبرى وعزاه لابن سعد لكنه مرسل
_ ( جلال الدين السيوطي-الخصائص الكبرى- 2/115 )
وهذه فراسة من أبي بكر.



قال ابن القيم في كتابه
(( إنَّ الفراسة كانت وستظل منزلة من منازل: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } _
وما ذاك إلاَّ لأنها نور يقذفه الله في قلب عبده يُفرِّق به بين الحق والباطل والحالي والعاطل والصادق والكاذب.
وقوله الحالي والعاطل: الحالي هو من تزيّن وتحلَّي، والعاطل ضده،
يقال: عطلت المرأة خلت من الحلى فهي عاطل، والمراد أنه يفرّق بين الشيء وضده.
وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان فمن كان أقوى إيماناً فهو أحدُّ فراسة.

وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه:
أفرسُ الناسِ ثلاثةٌ: العزيز في يوسف حيث قال لامرأته: { وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ...}
وابنة شعيب حين قالت: { اسْتَأْجِرْهُ }
وأبو بكر في عمر رضي الله عنهما حين استخلفهُ.

وقد كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم يتحلّون بها، وكان الصدِّيق رضي الله عنه في مُقدِّمَتِهم فهو أعظم الأمة فِراسة وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
فإنه ما قال لشيء: أظنه كذا إلاَّ كان كما قال،
ويكفي في فراسته موافقته ربَّه في المواضع المعروفة _ والتي ليست مجال حديثنا، وكما قُلْتُ أيضاً: فراسة الصحابة أصدق الفراسة، وأصل هذا النوع من الفراسة من الحياة والنور اللذين يَهَبُهُما الله تعالى لمن يشاء من عباده، فيحيا القلب بذلك ويستنير فلا تكادُ فراسَتُهُ تخطىء،
وهذا مصداق قوله تعالى: { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }



وإذا كان تعبير الرؤى بالفراسة يوجد بكثرة عند السلف الصالح فلا يعني أنه يمتنع عند غيرهم، لكن الفرق عندي من حيث القلّةُ والكثرةُ فحسب، فقد يوجد في هذا العصر مَن يَهَبُهُ الله الفراسة،
وقد جاء في الحديث: (( اتقوا فِراسةَ المؤمن فإنه ينظرُ بنور الله ))
_ رواه الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب تفسير سورة الحجر. ورواه الطبراني والبخاري في التاريخ، وحكم عليه الألباني بالضعف.

وجاء في الحديث القدسي الذي رواه البخاري من طريق أبي هريرة قال أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله قال: من عاد لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببْتُه كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه. وما ترددت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته))
_أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب التواضع 11/341 كما في الفتح_

والمراد أنه يجعله ينتفع بما يسمع من العالم والحكمة والمواعظ الحسنة والتجارب النافعة ويجعله كذلك يرى بنور الله ما في السموات والأرض من آيات فيزداد إيمانه ويقينه.
قال العلاَّمة المناوي في كتابه تعليقاً على الحديث الذي سبق: (( اتقوا فراسة المؤمن )).

يمكن الاستفادة من المقالة بشرط الإحالة للموقع وصاحبه فقط ومن ينقل أو يقتبس دون إحالة فهو عرضة للعقاب الدنيوي والأخروي.




توقيع مها


{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى

أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }
{كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ}
{ إنّ الله مَعَ الصّابِرينَ }
{ سُوريـآ الجَريحـة‘ إلى متى ! }



خدمة سريعة جدا

 

 



Facebook Twitter