الموضوع: لطفا أفرغ كوبك
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2014-05-31, 7:46 PM
البارقه 2009
عضو متميز بالمنتدى (مشرفة سابقة)عضو(3شهور) هدية من الموقع
رقم العضوية : 89449
تاريخ التسجيل : 3 - 10 - 2009
عدد المشاركات : 17,031

غير متواجد
 
افتراضي لطفا أفرغ كوبك
د. شمسيه خلوي

لُطفا، أفرغ كوبك

سأحاوره، لكن...

لن أتخلَّى عن قناعاتي السَّابقة، مهما حدث!
أنا على حق!

والنتيجة:*سوء تفاهم، عناد وتمسُّك بالرأي، تباعد وفرقة بين المتحاورين، وجدل عقيم، وأخيرا...

لم يتحقَّق التواصل! لكنَّك لو أفرغتَ كوبك لكانت النتيجة مختلفة!

إن المحاور مُطالب با ﻹ‌نصات للطرف ا ﻵ‌خر بغية إنجاح الحوار، بغض النظر إن كان موقف اﻵ‌خر مُوافقا له أو يبعد عنه قليﻼ‌ أو كثيرا.
هل سبق ووقفتَ عند قوله عز وجل وهو يأمر نبيّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقول للمشركين:*﴿*وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ*﴾*[سبأ:24]؟

يا له من أسلوب في غاية اللطف وا ﻷ‌دب!

يا لها من طريقة تحمِل المخاطَب على التفكُّر والتأمُّل، فلربما عاد للصواب وأناب ونظر لحاله ثم تدبَّر فتنبَّه!

ما من شكٍّ أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم أنه ومن اتَّبعه على هدى من الله، وأن من خالفه وخالف ما جاء به من ربِّه لفي ضﻼ‌ل مُبين، لكنه كﻼ‌م يوحي بضرورة اﻹ‌نصات، بروح موضوعية وبأسلوب فيه تعريض ﻻ‌ تصريح.

فما بال حواراتنا تنتهي قبل أن تبدأ؟

وتعلو فيها اﻷ‌صوات وتتناحر بدﻻ‌ من اﻹ‌صغاء؟

إذن...؟!

لن تخسر شيئا إن تعلَّمتَ فن اﻹ‌صغاء،*ودخلت المحاورة من أجل استيعاب اﻵ‌خر، وتخلَّيتَ عن قناعاتكَ على سبيل ا ﻻ‌فتراض ﻻ‌ الشك، على سبيل المهادنة ﻻ‌ ا ﻻ‌ستسﻼ‌م، أنتَ لن تتجرَّد من ثوابتك واعتقاداتكَ أو ما تؤمن به على اﻹ‌طﻼ‌ق، بل ستُقبل على سماع الطرف اﻵ‌خر، تهييئا لنجاح الحوار.

لحظة...*

يمكن أن تكون قد جانبت الصَّواب وتظن أنَّك على حق، لكنك لو استمعتَ لمن تُحاوره لرأيت الموضوع من زوايا متعدِّدة، وما أجمل لو ردَّدتَ بيقين: "اللهم أرِنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطل باطﻼ‌ً وارزقنا اجتنابه"

فالحق والباطل موجودان لكن أيّهما تتَّبع؟

فالمصيبة أن تكون غارقا في اﻷ‌وهام، وتظن أنَّك تحسن صنعا!
فكم ممن رأوا الحق باطﻼ‌ وانتصروا له فضلُّوا الطريق، عاندوا واستكبروا وأبوا إ ﻻ‌ ا ﻻ‌ستماع ﻷ‌صواتهم، وحقَّ فيهم قوله تعالى: ﴿*وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ*﴾ [الزخرف: 30].

وا ﻵ‌ن،*هل تستطيع أن تُفرغ كوبك قبل أن تحاورني؟!

إنك طرف في الحوار وعليه، تستطيع أن تجد أرضية مُشتركة بينك وبين من تحاوره، ولن يكون ا ﻷ‌مر كذلك إ ﻻ‌ إذا انطلقتَ من فرضية تساوي الطرفين المتحاورين في طرح وجهات النظر قبل أن يبدأ الحوار، فليس من المعقول أن تتبنى النتيجة قبل أن تسمعَ رأي اﻵ‌خر وتُسمع رأيك!
وا ﻵ‌ن،*هل تستطيع أن تُفرغ كوبك قبل أن تحاورني؟!

أليس الهدف من الحوار هو عرض أفكار الطرفين؟

فلمَ تعرض أفكاركَ و ﻻ‌ تعطي اﻵ‌خر الفرصة ليعرض أفكاره؟!

أليس الحوار مع ا ﻵ‌خر هو طريقة توصل بها أفكاركَ؟

فلمَ تقزِّم حقَّ الطرف المقابل في عرض رأيه هو اﻵ‌خر أو في الردِّ عليكَ؟!

أليس الحوار هو تبادل الكﻼ‌م بين شخصين -أو أكثر-؟

فلمَ تستأثرُ بالحديث و ﻻ‌ تعطي فرصة لﻶ‌خر ليبسط أمامكَ رأيه؟!

وا ﻵ‌ن،*هل تستطيع أن تُفرغ كوبك قبل أن تحاورني؟!

إن كان الردُّ بالنفي، فﻼ‌ أخالكَ تريد إحقاق الحق وإثباته، بل أنت تتَّبع سياسة عرض العضﻼ‌ت أمام من تحاوره، أو تسعى ﻹ‌ثارة ضجَّة أو أن هدفك منذ البداية هو ا ﻻ‌نتصار لنفسك، فلتعلم أنَّك لن تزيد محاوركَ إ ﻻ‌ عنادا وإصرارا على رأيه.
إذن:
أحسِن ا ﻻ‌ستماع لمحاورك، و ﻻ‌ تتعصَّب لوجهة نظرك، و ﻻ‌ تتَّبع هواك، وكن طالب حق ناشدا له أنَّى كان.

وا ﻵ‌ن،*هل تستطيع أن تُفرغ كوبك قبل أن تحاورني؟!
أتمنى ذلك!

اللهُمَّ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين .


توقيع البارقه 2009

(رب هب لي حكما والحقني بالصالحين
واجعل لي لسان صدق في الأخرين
واجعلني من ورثة جنة النعيم )




قال عبد الله بن مسعود : " لأِن أعض على جمرة حتى تبرد أحب إليّ من أن أقول لشيء قد قضاه الله ليته لم يكُن ! ".
💕 الرضى جوهر السعادة ، جملنا به يا الله 💕


[ اجعل لي يا الله اثراً طيباً اذكر بهِ بعد رحيلي فالذكر عمرُ آخر ]
اللهم اجعلنا ممن اذا حضر حضر واذا غاب بقي له أثر

اللهم اجعلنا من اهل النفوس الطاهرة و القلوب الشاكرة والوجوه المستبشرة وارزقناطيب المقام وحسن الختام .