عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 7  ]
قديم 2014-05-26, 1:56 PM
البارقه 2009
عضو متميز بالمنتدى (مشرفة سابقة)عضو(3شهور) هدية من الموقع
رقم العضوية : 89449
تاريخ التسجيل : 3 - 10 - 2009
عدد المشاركات : 17,031

غير متواجد
 
افتراضي
الأمر السادس عشر: تجفيف منابع المشكلة

ما من معضلة أو مشكلة إلا ولها ذرائعُ تؤدي إليها، وأبوابٌ تحضُّ الإنسان وتدعوه لولوجها، فإذا بحث الإنسان عن هذه الطرق والأبوابِ، ثمّ قام بسدّها وإغلاقها، فإنه سيزيح جزءاً كبيراً من الضغوطِ التي تكبّله وتثقلُ كاهله.وبالتالي يستطيع أنْ يتحركَ بثباتٍ وثقةٍ نحو الحلول النّاجعة لمشكلاته.

مثال: رجلٌ مدخن، اتخذ قراراً بترك التدخين، وهو الآن لا يدخن، وهذا قطعاً أمرٌ جيّد.

لكن هذا وحده لا يكفي لضمان استمراره على هذا الوضع المحمود، إذ أنّ هناك طرقاً وأبواباً قد تُفضي به إلى الانتكاسة والعودة إلى الموضع الأوّل.

مثلاً: أبرز هذه الطرق، طريق الأصدقاء المدخنين، لأنّ مخالطتهم أمرٌ لا تؤمن عواقبه، فغالباً ما تكون ذريعةً ومدخلاً لمجاملتهم. فالأسلم لهذا التائب أن يترك هذا الصنف ويفارق مجالسهم.

إذن، من المهم جدّاً أن نجفف منابع المشكلة ونسدَّ أبوابها وطرقها، لأن ذلك من شأنه أن يضعفَ دوافعَ الانتكاسةِ وفرصَ الفشلِ، ويجعلَ الإنسانَ أكثرَ قدرةً وقابليةً لمواجهة المشكلات بصورة هادئةٍ وحازمة.
للأعلى


الأمر السابع عشر: الاتجاه نحو مصدر المشكلة

بعض الشاب يعاني من الوقوع في معصيةٍ ما, ويعزم مراراً وتكراراً ألا يعود إليها، ثمّ ما يلبث أن يخور عزمه فيعود إلى سابق عهده، ثم مرةً أخرى يعاهد الله عز وجل.

بل وقد يصل الأمر ببعضهم إلى أن يعاهده في الحرم. وهذا كله من أجل الضغط على النفس وكبح جماحها.

إنّ استعمال البعض لهذا الأسلوب، ليس مدعاةً لاعتباره أمراً صحيحاً، بل واقع الحال يشهد أنّه خطأٌ لا يقرّه الشرع، ولا يقرّه المنطق السليم.

أمّا شرعاًُ: فلو أنّ شابّاً عاهد الله أن لا يرجع إلى المعصية، ثم تكرر وقوعه فيها مرة بعد أخرى، فإنه يكون بهذا قد وقع في مخالفتين وهما: المعصية، ومخالفة العهد. والله عز وجل يقول عن: ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ* فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ ) التوبة:75-77.

وامّا منطقيّاً: فلأنّ مصدر هذه الانتكاسة وسببها يكمن في ضعف الإرادة و خور العزيمة.

و المنطق الصحيح يوجب ضرورة الاتجاه إلى مصدر المشكلة وليس إلى أمر بعيدٍ لا يقدِّم، بل قد يقود إلى تأخيرٍ يفضي لاستفحال الأمر وصعوبة العلاج.

مثلاً: لو دخل أحدنا المسجد و وجد الجوَّ حاراً وخانقاً. فهل يكمن الحل في إطفاء مكبر الصوت أو تشغيله؟!. كلا، فليس لجهاز الصوت أدنى علاقة بالمشكلة. فالحلّ الجَذريُّ يكمن في تشغيل التكييف.

ومن هنا، فإنّ إقامة العهود والمواثيق مع الله عزّ وجلّ لن يفيد، بل ولن يحرّك الأمر نحو الحل ولو قيد أنملة.

ثمّ لو افترضنا أنّ المصاب بهذه المعضلة عاهد الله ثم التزم، فهل نعزو هذا الالتزام إلى عهوده ومواثيقه مع الله عزّ وجل؟!. بكل تأكيدٍ الإجابة: لا، فليس هذا مصدرُ الالتزام وسببُه، بل سببه ومبعثه، قوةُ العزيمةِ، وصلابةُ الإرادةِ، و قد تكون هناك عوامل أخرى مؤثرة.مثل: كثرة الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل، وطلب العون منه، ومصاحبة الأخيار، والتأسّي بهم، وما إلى ذلك.
للأعلى


الأمر الثامن عشر: التطلع إلى المثل العليا

إنّ ترقّب الإنسان وتطلّعه إلى القِيَمِ و المُثُلِ العليا، يمنحه علوّاً في الهمة وصلابةً في العزيمة تدفعه لتجاوز توافه الأمور وسفاسفها. إذ أنّه سيكون ذا وقتٍ مشغول، وجهدٍ مبذول، في مكابدة مسئولياتِ القضايا الكبرى، والهمومِ الجِسام، فليس له التفاتٌ للصغائر.

أمّا فارغُ الذهنِ ومعطّلُ الفِكرِ ممن ليس له همٌّ نافعٌ يشغله، فسيعاني حتى على مستوى المشاكل الضئيلةِ والمحدودةِ، لأن المشكلة قد تكون ناتجةً عن فراغٍ، أو تضخيمٍ بلا أسبابٍ حقيقيةٍ، أو نتيجةَ تفكيرٍ خاطئٍ، أو غير ذلك.

لنفترض: أنّ مربياً مصلحاً يتعاملُ مع مشكلاتٍ على مستوى المجتمع، تفاجأ عند دخوله إلى البيت بمشكلة في أحد الأجهزة، فإنّ تعامله معها لن يكون كتعامل ذلك الشخص الفارغ والخالي من الاهتمامات الجادة.

فبالرغم من أن المشكلة واحدةٌ، إلا أن النظرة والتعامل والنتيجة ليست واحدة، وكما قيل:

وعلى قَدْرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ

وعلى قَـدْرِ الكِرامِ تأتي المَكَارِمُ

خاتمة وتذكير

أودُّ أن أذكرَ بما قلته في ثناياها:

( إنّ أسلوب نظرتنا للمشكلة وطريقة تفكيرنا فيها هو الذي يضخم المشكلة أو يقللها, فالمشكلة عبارة عن شيء واحدٍ محددٍ، لكنّ كيفية النظر، وكيفية التعاطي والتعامل معها هو الذي يقضي بتضخيمها أو إعطائها حجمها الأصليّ، ووضعها في قالبها الطبيعيّ. فعلى حسب الحيز الذي نعطيه للمشكلة لتشغله من أذهاننا، تتحدد مدى سيطرتنا على المشكلة ومدى سيطرتها وتأثيرها علينا ).

إذن، هذه بعض الوسائل والخطوات التي يمكنها أن تعيننا على تجاوز وحلّ مشكلاتنا، وهي قطعاً ليست وصفةً لتبديل الأمور بمجرد تعاطيها، بل هي جملةُ موجهاتٍ مساعدةٍ، تضع الأقدامَ على أوّلِ نقطةٍ في طريقِ العلاج، فقد سلمنا في بداية حديثنا أنّ طبيعة الحياة وتركيبتها تحتم أن نواجه فيها صعوباتٍ ونكابد مشقاتٍ.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم



توقيع البارقه 2009

(رب هب لي حكما والحقني بالصالحين
واجعل لي لسان صدق في الأخرين
واجعلني من ورثة جنة النعيم )




قال عبد الله بن مسعود : " لأِن أعض على جمرة حتى تبرد أحب إليّ من أن أقول لشيء قد قضاه الله ليته لم يكُن ! ".
💕 الرضى جوهر السعادة ، جملنا به يا الله 💕


[ اجعل لي يا الله اثراً طيباً اذكر بهِ بعد رحيلي فالذكر عمرُ آخر ]
اللهم اجعلنا ممن اذا حضر حضر واذا غاب بقي له أثر

اللهم اجعلنا من اهل النفوس الطاهرة و القلوب الشاكرة والوجوه المستبشرة وارزقناطيب المقام وحسن الختام .