عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2014-05-26, 12:40 PM
البارقه 2009
عضو متميز بالمنتدى (مشرفة سابقة)عضو(3شهور) هدية من الموقع
رقم العضوية : 89449
تاريخ التسجيل : 3 - 10 - 2009
عدد المشاركات : 17,041

غير متواجد
 
افتراضي من أي العصاة أنت !!
د/ محمد الدويش

من أي العصاة أنت؟*

قارن بين هاتين الصورتين:*

•*ا ﻷ‌ولى:*شاب تتحكم المعصية في قلبه، وتسيطر على تفكيره، فيخطط لها ويعمل جهده وفكره لتحصيل طريق توصل إليها، ثم يسعى لذلك بجوارحه وربما بذل جزءاً من ماله أو جاهه، وحين تفارقها جوارحه ﻻ‌ يزال صداها يتردد في خاطره، فيهيم في ذكراها، وحين يلقى أصحابه فهو يفاخرهم بما عمل، ويجاهر بما اقترف، وحين تفوته فرصة يجتر الحسرات ويعتصر الندم على ما فات.

وإن حدثته نفسه بالتوبة فإنما هو خاطر سرعان ما يزول ويذيبه تطلع النفس للمعصية.

•*الثانية:*شاب يبغض المعصية والعصاة، قد أشغل وقته في طاعة موﻻ‌ه ولكن تأخذه في لحظة من اللحظات حالة ضعف بشرية فيواقع المعصية وما أن يفارقها حتى يلتهب فؤاده ندماً وحسرة فيتألم ويحزن ويرفع يديه لمو ﻻ‌ه تائباً مستغفراً، وما أن يسمع واعظاً حتى يرتجف فؤاده، وقد بدت معصيته بين عينيه، ويظل بعد ذلك يسأل ما المخرج؟!. ما الحل؟!.

ويجانب كل طريق يؤديه إلى المعصية، وهكذا حاله وديدنه حين يقارف المعصية.

ثم هو بعد ذلك يحتقر نفسه ويمقتها، ويشعر أنها بعيدة عن طريق أهل الصﻼ‌ح ويتهمها بصفات أهل الجهل والنفاق.

فهو ممن قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِﻻ‌َّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

فبالله عليك هل يستويان؟!. وأيهما أقرب إلى رحمة الملك العﻼ‌م والتواب الرحيم؟!.

*وإلى هذا المعنى أشار الحافظ ابن القيم رحمه الله فقال: "والله تعالى إنما يغفر للعبد إذا كان وقوع الذنب منه على وجه غلبة الشهوة وقوة الطبيعة، فيواقع الذنب مع كراهته له من غير إصرار في نفسه، فهذا ترجى له مغفرة الله وصفحه وعفوه، لعلمه تعالى بضعفه وغلبة شهوته له وأنه يرى كل وقت ماﻻ‌ صبر له عليه.

فهو إذا واقع الذنب واقعه مواقعة ذليل خاضع لربه، خائف، مختلج في صدره شهوة النفس الذنب وكراهة اﻹ‌يمان له، فهو يجيب داعي النفس تارة، وداعي اﻹ‌يمان تارات. فأما من بنى أمره على أن ﻻ‌ يقف عن ذنب وﻻ‌ يقدم خوفاً و ﻻ‌ يدع لله شهوة، وهو فرح مسرور يضحك ظهراً لبطن إذا ظفر بالذنب، فهذا الذي يخاف عليه أن يحال بينه وبين التوبة وﻻ‌ يوفق لها"
. [مفتاح دار السعادة 1/ 283].

وقال: "الفرح بالمعصية دليل على شدة الرغبة فيها، والجهل بقدر من عصاه، والجهل بسوء عاقبتها وعظم خطرها.

ففرحه بها غطى عليه ذلك كله، وفرحه بها أشد ضرراً عليه من مواقعتها.

والمؤمن ﻻ‌ تتم له لذة بمعصية أبداً و ﻻ‌ يكمل بها فرحه، بل ﻻ‌ يباشرها إ ﻻ‌ والحزن مخالط لقلبه، ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به.

ومتى خَلِيَ قلبه من هذا الحزن، واشتدت غبطته وسروره فليتهم إيمانه، وليبك على موت قلبه، فإنه لو كان حياً ﻷ‌حزنه ارتكابه للذنب، وغاظه وصعب عليه، و ﻻ‌ يحس القلب بذلك، فحيث لم يحس به فما لجرح بميت إيﻼ‌م". [مدارج السالكين ].

وروى البيهقي في شعب اﻹ‌يمان عن ابن السماك أنه قال: "أصبحت الخليقة على ثﻼ‌ثة أصناف: صنف من الذنب تائب، موطن لنفسه على هجران ذنبه، ﻻ‌ يريد أن يرجع إلى شيء من سيئته هذا المبرِّز، وصنف يذنب ثم يندم، ويذنب ويحزن، ويذنب ويبكي، هذا يرجى له ويخاف عليه، وصنف يذنب وﻻ‌ يندم وﻻ‌ يحزن، ويذنب وﻻ‌ يبكي فهذا الكائن الحائد عن طريق الجنة إلى النار".
[سنن البيهقي، برقم 7156].

وروى عن يونس بن العوام بن الحوشب أنه قال: "كان يقال ا ﻻ‌بتهاج بالذنب أشد من ركوبه". [سنن البيهقي، برقم 7157].

فراجع نفسك - أخي الكريم - وانظر حالك مع معصية الله عز وجل.

هل أنت ممن يفرح بالمعصية ويبحث عنها ويسعى لها؟!.
وإياك أن تنسيك لذة الشهوة مرارة الخطيئة، وأن تحرق نار الهوى بذرة اﻹ‌يمان والصﻼ‌ح في قلبك.


توقيع البارقه 2009

(رب هب لي حكما والحقني بالصالحين
واجعل لي لسان صدق في الأخرين
واجعلني من ورثة جنة النعيم )




قال عبد الله بن مسعود : " لأِن أعض على جمرة حتى تبرد أحب إليّ من أن أقول لشيء قد قضاه الله ليته لم يكُن ! ".
💕 الرضى جوهر السعادة ، جملنا به يا الله 💕


[ اجعل لي يا الله اثراً طيباً اذكر بهِ بعد رحيلي فالذكر عمرُ آخر ]
اللهم اجعلنا ممن اذا حضر حضر واذا غاب بقي له أثر

اللهم اجعلنا من اهل النفوس الطاهرة و القلوب الشاكرة والوجوه المستبشرة وارزقناطيب المقام وحسن الختام .