عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2014-05-15, 5:58 AM
حفيدالاحلام
عضو موقف من قبل إدارة المنتدى
رقم العضوية : 188210
تاريخ التسجيل : 4 - 1 - 2014
عدد المشاركات : 456

غير متواجد
 
افتراضي حد الغيبة ومتعلقات الغيبه وحكمها
حد الغيبة :
حد الغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه لو بلغه ، سواءً ذكرته بنقص في بدنه أو نسبه أو في خَلْقِهِ أو خُلُقِِهِ ، أو في دينه أو فعله أو قوله ، أو في دنياه ، حتى ثوبه وداره ودابته وغير ذلك [ إحياء علوم الدين 3/186 ] .
لقد أصبحت الغيبة اليوم فاكهة المجالس ، فقلما يخلو منها مجلس ، وللأسف الشديد حتى مجالس كثير من الصالحين ، أصبحت تشوبها الغيبة ، ويكسوها الغبش ، وفاحت منها رائحة الميتة النتنة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

متعلقات الغيبة :
الغيبة ذات أسماء ثلاثة ، كلها في كتاب الله عز وجل : الغيبة ، والإفك ، والبهتان ، فإذا كان في أخيك ما تقول فهي الغيبة ، وإذا قلت فيه ما بلغك عنه فهو الإفك ، وإذا قلت فيه ما ليس فيه فهو البهتان ، هكذا بين أهل العلم رحمهم الله .
قال الحسن البصري رحمه الله : " ذكر الغير ثلاثة : الغيبة ، والبهتان ، والإفك ، وكل في كتاب الله عز وجل ، فالغيبة : أن تقول ما فيه ، والبهتان : أن تقول م ليس فيه ، والإفك : أن تقول ما بلغك عنه " [ نظرة النعيم 11/5176 ] .

حكم الغيبة :
الغيبة حرام بنص القرآن ، ونص السنة الصحيحة ، وأقول العلماء .
وهي كبيرة من كبائر الذنوب ، وعظيمة من عظائم الآثام ، لما ترتب عليها من العذاب والعقاب .
وعندما ودع النبي صلى الله عليه وسلم أمته في حجة الوداع ، بين لهم معالم الدين القويم ، ونصح الأمة ، وحذر ونهى ، وحث وأمر ، ومما منع وحذر ونهى عنه الغيبة ، وأكل أعراض المسلمين ، ونشر عيوبهم ، وهتك أستارهم ، ولقد قرن صلى الله عليه وسلم تحريم الغيبة بتحريم الدماء والأموال ، وأكد تحريم ذلك ، كحرمة البلد الحرام في الشهر الحرام ، فقال : " إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ تَعَالَى ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا " [ متفق عليه واللفظ لأحمد ] .
قال النووي رحمه الله تعالى : " الغيبة محرمة بإجماع المسلمين ، وقد تظاهر على تحريمها الدلائل الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة " [ رياض الصالحين 483 بتصرف ] .

فالغيبة حرام ، وهي ذكرك الإنسان بما يكره ، سواءً كان في بدنه أو دينه أو دنياه، أو نفسه أو خَلقه أو خُلقه، أو ماله أو ولده أو والده، أو زوجه أو خادمه أو مملوكه، أو عمامته أو ثوبه، أو مشيته وحركته وبشاشته، وخلاعته وعبوسه وطلاقته، أو غير ذلك مما يتعلق به، سواء ذكرته بلفظك أو كتابك، أو رمزتَ أو أشرتَ إليه بعينك أو يدك أو رأسك أو نحو ذلك ، أما البدن فكقولك : أعمى ، أعرج ، أعمش ، أقرع ، قصير طويل أسود ، أصفر .
وأما الدِّيْنُ فكقولك : فاسق ، سارق ، خائن ، ظالم ، متهاون بالصلاة، متساهل في النجاسات، ليس بارّاً بوالده، لا يضعُ الزكاة مواضعَها، لا يجتنبُ الغيبة .
وأما الدنيا : فقليلُ الأدب، يتهاونُ بالناس، لا يرى لأحد عليه حقاً، كثيرُ الكلام، كثيرُ الأكل أو النوم، ينامُ في غير وقته، يجلسُ في غير موضعه .
وأما المتعلِّق بوالده فكقوله : أبوه فاسق، أو هندي أو نبطي أو زنجي، أو أعرابي ، أو ظالم ، أو لا أصل له ، نجار حداد سائق أو ما شابه ذلك .
وأما الخُلُق فكقوله : سيئ الخلق، متكبّر مُرَاء، عجول جبَّار، عاجز ضعيفُ القلب، مُتهوِّر عبوس، خليع، ونحوه.
وأما الثوب : فواسع الكمّ، طويل الثوب ، وَسِخُ الثوب ، ثيابه غير مكوية ، ونحو ذلك، ويُقاس الباقي بما ذكرناه ، وضابطُه‏ : ذكرُه بما يكره‏ " [رياض الصالحين 482 بتصرف ] .

ومن الغيبة المحرّمة قولك‏ : فعل كذا بعضُ الناس ، أو بعض الفقهاء ، أو بعضُ من يَدّعي العلم، أو بعضُ المفتين، أو بعض مَن يُنسب إلى الصلاح أو يَدّعي الزهدَ، أو بعض مَن مرّ بنا اليوم، أو بعضَ مَن رأيناه، أو نحو ذلك إذا كان المخاطب يفهمه بعينه؛ لحصول التفهيم .‏
ومن الغيبة ، التعريض بالكلام مما يفهمه المخاطب به فيُقال لأحدهم : كيف حال فلان ‏؟‏ فيقول : اللّه يُصلحنا، اللّه يغفر لنا، اللّه يُصلحه، نسأل اللّه العافية، نحمدُ اللّه الذي لم يبتلنا بالدخول على الظلمة، نعوذ باللّه من الشرّ، اللّه يُعافينا من قلّة الحياء، اللّه يتوبُ علينا ، وما أشبه ذلك مما يُفهم منه تنقُّصه، فكل ذلك غيبة محرّمة، وكذلك إذا قال : فلان يُبتلى بما ابتلينا به كلُّنا، أو ماله حيلة في هذا، كلُّنا نفعلُه، وهذه أمثلة وإلا فضابط الغيبة : تفهيمك المخاطب نقص إنسان كما سبق‏ " [ رياض الصالحين 486 ] .

ومن الغيبة الحاصلة اليوم بين طلاب العلم ، إذا برز أحدهم في مجال ما ، كتجويد القراءة ، والتأليف ، وحسن الصوت ، والتدريس ، والتمكن من المادة العلمية ، وجودة الخطب ، وحسن الإلقاء ، وكثرة المحبين ، ترى الحاسد والمغتاظ ، إذا ذُكر ذلك الشخص في مجلس ، رد الحاسد بقوله : وما عند فلان ؟ ما هي شهادته ؟ من أي جامعة تخرج ؟ أي شيخ لازم ؟ يقلد فلان وفلان ، إلى غير ذلك من الأمور التي يُفهم منها تنقص أخيه المسلم ، والحط من قدره أمام الناس ، ولا ريب أن ذلك من الغيبة المحرمة ، فهو وإن لم يصرح ، إلا أنه انتقصه بأشد من التصريح ، فليتق الله تعالى أولئك الناس ، وليسمعوا هذا الحديث ، قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ ، أُرَاهُ قَالَ : بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ، وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بِهِ ، حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ " [ أخرجه أبو داود وأحمد ] .
وليبشر أيضاً بهذا الحديث ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْلَةً ، فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا مِنْ جَهَنَّمَ ، وَمَنْ كُسِيَ ثَوْبًا بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ ، وَمَنْ قَامَ بِرَجُلٍ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُومُ بِهِ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " [ أخرجه أبو داود وأحمد ، وصححه الألباني والحاكم ، نضرة النعيم 11/5175 ] .

وعلى من حضر ذلك المجلس الذي يُغتاب فيه طالب علم أو عالم أو حتى غيرهما ، عليه أن يُنكر الغيبة ، أو يخرج من ذلك المكان ، ولا يلازم ذلك الشخص المغتاب حتى يتوب إلى الله تعالى ، ويرجع إلى الحق والصواب .
إذ كيف يُعلم الناس العلم الشرعي ، وهو لا يلتزم به ، ذلكم من نقص الدين ، وضعف الإيمان ، ودناءة النفس ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وما يدريك أيها المغتاب أنك وقعت في عرض مسلم أو مسلمة من أولياء الله تعالى ، فآذيته ، وسببت له العداء ، وأكننت له البغضاء ، فأصبحت محارباً لله عز وجل ، وأنى لمخلوق ضعيف فقير ، أن يتجرأ على مقام ربه جل وعلا ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا ، فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ " [ أخرجه البخاري ] ، ويقول الله تعالى : " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق " [ البروج 10 ] .
وليبشر من دافع عن عرض أخيه بهذا البشارة ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ ، رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " [ أخرجه الترمذي وأحمد ، وقَالَ الترمذي : حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وهو كما قال ] .

وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ ذَبَّ عَنْ لَحْمِ أَخِيهِ فِي الْغِيبَةِ ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّارِ " [ أخرجه أحمد بإسناد حسن 45/583 ] .
ومن لم يرد عن عرض أخيه المسلم ، وسكت حياءً ، أو قبولاً بما قيل فيه من غيبة ، فليبشر بهذا الحديث ، عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَي طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ قالا : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ " [ أخرجه أبو داود وأحمد ، وحسنه عبد القادر الأرناؤوط عند الطبراني ، وضعفه الألباني وشعيب الأرناؤوط عند أبي داود وأحمد ] .
فاتقوا الله أيها الناس عامة ، وأهل العلم خاصة ، واحذروا الغيبة قولاً وسماعاً ، فعامة عذاب القبر لأهلها والعياذ بالله .