
2014-05-10, 8:33 PM
|
الجميلة والوحش..بين الماضي والحاضر
أتتذكرون حكاية الجميلة والوحش؟
عند قراءتنا بين سطور هذه الأقصوصة، نرى أن كاتبها كان يسعى لترسيخ القيم النبيلة لدى الأطفال، قصد تربيتهم على المبادئ الفاضلة وتعليمهم كيف أن الجوهر هو أثمن وأجمل من المظهر (السطحية)، في زمن كانت تفتقد فيه أوربا لمثل هذه القيم. كانت المادة والطبقية هي سيدة المجتمع، فكان القوي يأكل الضعيف ويسحقه دون رحمة ولا هوادة.
كانت أوربا في الحضيض وكانت الامة الاسلامية في تقدم وازدهار في كل مجالات الحياة، بفضل الإسلام والقيم النبيلة التي أتى بها لتصحيح مسار البشرية.
ولكن ماذا وقع الآن؟ كيف انعكست الآية وأصبحت اوربا متقدمة على العالم الاسلامي؟
الوحش الأوربي تغيرت صورته إلى الأحسن بعدما غير ما بنفسه، وهذّب سلوكه، واحترم الآخر (ولو كرها)، ونهل من الأمة الاسلامية علومها وأسس تطورها وازدهارها، فوصل إلى ما وصل إليه الآن من تقدم صناعي واقتصادي واجتماعي أيضا، بينما "الوسيم" الاسلامي نجده قد احتفظ بوسامته الخارجية وتحولّ جماله الداخلي إلى "البشاعة" التي كان عليها ذلك الوحش الأوربي آنفا، فظهرت من جديد الطبقية والعصبية القبلية في البلدان الاسلامية، وأصبح أفرادها يتشبعون بالقشور الغربية، حتى أصبحوا أكثر سطحية من سطح الماء، كما أصبحت عقولهم وأفئدتهم أجوف من الطبول التي لا تحدث إلاّ ضجيجا (طبعا إلاّ من رحم ربي).
انغمس العالم الاسلامي في الملذات والبذخ والترف، في الوقت الذي كان فيه العالم الغربي يلملم هزيمته ويعد عدته ليصحح اخطاءه ويستعيد ما فقده ويرفع من شأنه، وكان له ذلك. استطاع ان يدرس العالم الاسلامي العربي من كل جوانبه، فحدد مكامن قوته ونقاط ضعفه، فاستفاد من مكامن القوة واستغل نقاط ضعفه ليستعملها لصالحه، فبدأ بتطيق سايسته الشهيرة "فرّق تسد" بزرع فتنة القبلية والعصبية القومية في البلدان الاسلامية العربية، حتى تأججت من جديد نار الحروب الأهلية والطائفية، ولعل فترة "ملوك الطوائف" في الأندلس خير نموذج على ذلك، حيث تم تقسم الدولة الواحدة إلى 22 دويلة، فضعفت قوتهم وتمكن منهم "العدو". وبدأ أيضا بتسويق قشوره محليا وإعلاميا لينوّم عقول الناشئة ويلهيها عن جوهر الأشياء وجادة الصواب، فأصبح شغلها الشاغل "الماركات" و "صيحات آخر موضة"، حتى اتسعت الهوة بين الجوهر والمظهر، وأصبح المسلم يقول أكثر مما يفعل، ينتقد ولا يقدم بديلا، يتذمر ولا يشمر عن ساعديه ليغير واقع حاله، وغالبا ما نجده محبطا وتائها بين "الحضارة الغربية" وهويته الاسلامية. ولعل المضحك المبكي في الأمر، انه أصبح صورة سطحية لكلا الهويتين!!
فإلى متى نظل نبكي على اطلال الماضي المجيد؟ ونكتفي بالتذمر والنقد العقيم؟
ألم يحن الوقت لنعتبر ونستخلص الدروس من أخطاء الماضي ونقوم بتصحيحها بعد ذلك؟
ألم يحن الوقت لنتشبث بالمبادئ الاسلامية قولا وفعلا؟
ألم يحن الوقت لترك النزاعات الجانبية والعمل جنبا إلى جنب للنهوض بمجتمعاتنا؟
أظن أن الوقت حان عندما أصبح الظالم صاحب حق، وصاحب الحق ظالم، ابتداء من يوم النكبة.
(من تأملاتي) )
|