سورة الضحى وأسس الأيجابيه
فقد اﻷحباب أو إبطاؤهم عن الزيارة قد يحزن النفس، ويصيبها بالضيق، لكن ما العمل حينها، أيستسلم المرء لﻸحداث؟ أم يبادر بتحريك جوانب من شخصيته تفكيراً وعمﻼً؟! فمثﻼً، تلبَّث الوحي فترة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان مشتكياً مريضاً، فعيرَّه المشركون بذلك وأن ربه قد قﻼه! فعن جندب بن سفيان -رضي الله عنه- قال: اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يقم ليلتين أو ثﻼثاً، فجاءت امرأة فقالت: يا محمد إني ﻷرجو أن يكون شيطانك قد تركك؛ لم أره قربك منذ ليلتين أو ثﻼث! فأنزل الله -عز وجل-: «والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى»! وقوله: «ما ودعك ربك وما قلى»، تُقرأ بالتَّشديد والتَّخفيف بمعنى واحد، أي: ما تركك ربك. وقال ابن عباس: ما تركك وما أبغضك.
ﻻحظوا -معشر القراء- أن هذه السورة قد نزلت في قمة الخﻼف بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وأهل مكة، بعد أن مرت به عشرات المواقف المحزنة: موت والديه، وجدّه، وعمه، إضافة إلى اﻷذى المتنوع من اﻷقارب واﻷباعد، وكان جبريل عليه السﻼم ﻻ يتأخر عنه، كل ليلة أو ليلتين ينزل ببعض اﻵي مسلياً ومعينا لكنه في هذا الوقت تأخر الوحي وزيارة جبريل، متزامناً مع مرضه -صلى الله عليه وسلم- فاستغل ذلك المغرضون قائلين: بأن ربَّه هجره وقﻼه فنزلت: «والضحى» ليسكب النور في القلب والحياة مقسما الله به قسما خالداً إلى يوم الدين.
كما تقدم لفظ: «الضحى» على الليل، ليبيَّن لنبيِّه والعالم؛ أنَّ خلف الليل فجراً، وبعد الظلمة نوراً، وقد يتأخر الوعد أو التأييد بنظرك، لكن ما ودعك وما قﻼك.
ثم نقل الله نبيه إلى معانٍ مقصودة عظيمة يعددها عليه ليديم تذكرها، فما دامت معك وحولك، فأنت قريب وفي قمة الهناء، فذكر له أصول اﻷشياء الضرورية لقيام الحياة وسعادتها،*
أوﻻً: «ا ﻷسرة»، فلقد آواه الله من اليتم وسخر له من يحقق له ذلك وهذا يمثل اﻷمن النفسي.
وثانياً: «الهداية»، فلقد هداه الله لﻺيمان وجعله نبياً ورسو ﻻً.
وهذا يمثل ا ﻷمن المعنوي الروحي.
وثالثاً: «الغنى»، حيث كفاه الله عنت الحياة فيسر له أمورها وأهلها فكان تاجراً صادقاً أميناً موفقاً، وهذا يمثل اﻷمن اﻻقتصادي.
وهذه ا ﻷمور الثﻼثة هي أصول سعادة الفرد وقوة المجتمعات، فمتى تحقق للمرء ذلك نال ا ﻻكتفاء الذاتي والسواء النفسي، وكلها بيد الله وهو الذي ييسر أسبابها.
*ثم تﻼ هذه النعم التي عددها على نبيه بأمره له و ﻷمته بأن ينشرها في مجتمعه ومن حوله، حتى تخفف من معاناتهم، وتسعد أرواحهم فأمره بأن يشارك في تحقيق ا ﻷمن: (فأما اليتيم فﻼ تقهر)، وأمر بالتكافل والتراحم: (وأما السائل فﻼ تنهر)، وكلّ ذلك نشراً للفضائل والنعم واﻹيجابيات. وأما بنعمة ربك فحدِّث؛ فهذه السورة التي نزلت في حال خﻼف شديد وضعف وابطاء الوحي، استفتحت بالضحى، والتحدث بالنعم، ليبرهن ﻷساطين الفلسفة، وجهابذة الصحة النفسية وا ﻹيجابية، أن الليل لن يطول، وأن مفتاحاً عظيماً يدخلك ببهجة الحياة وضحاها هو تحقيق ا ﻷمن النفسي واﻹيمان في الحياة، ونشر النعم والتحدث بها وعدم إدمان سبِّ الحياة والناس، فذاك شأن السوداويين! أمّا من أيقن بالضحى فسيرى النعم، وأمّا من عاش دوماً في الظﻼم فلن يرى سوى السواد الذي يحيط بعينيه!
أخيراً.. من نعم الله علي أن رزقني قراء أمثالكم.. أفترش أنا وإياهم أحرف البهجة والرضا لنكِّون كلمات الشكر والثناء.. ومعاني القرب وا ﻹحساس اﻹيجابي.
د/ عبدالعزيز الأحمد
التعديل الأخير تم بواسطة البارقه 2009 ; 2014-05-09 الساعة 9:42 AM.
توقيع البارقه 2009 |
(رب هب لي حكما والحقني بالصالحين
واجعل لي لسان صدق في الأخرين
واجعلني من ورثة جنة النعيم )
قال عبد الله بن مسعود : " لأِن أعض على جمرة حتى تبرد أحب إليّ من أن أقول لشيء قد قضاه الله ليته لم يكُن ! ".
💕 الرضى جوهر السعادة ، جملنا به يا الله 💕
[ اجعل لي يا الله اثراً طيباً اذكر بهِ بعد رحيلي فالذكر عمرُ آخر ]
اللهم اجعلنا ممن اذا حضر حضر واذا غاب بقي له أثر
اللهم اجعلنا من اهل النفوس الطاهرة و القلوب الشاكرة والوجوه المستبشرة وارزقناطيب المقام وحسن الختام .
|
|