عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2014-04-30, 12:19 AM
ملح محلى(أم عبدالملك)
معبرة معتمدة رقم4
الصورة الرمزية ملح محلى(أم عبدالملك)
رقم العضوية : 92121
تاريخ التسجيل : 29 - 10 - 2009
عدد المشاركات : 2,909

غير متواجد
 
افتراضي
أول مرة أحسست بالغيرة عندما أهدى الأب ابنه الكبير ساعة يد بمناسبة النجاح من المرحلة الإعدادية





لم ينفك ذلك الصبي الذي يظن نفسه كبُر عليّ أن ينظر لساعته ويتباهى بها نافضاً يده وكأنه محاضر يستعد لإلقاء محاضرته





ولم أفتأ عن التبسم ساخرةً كلما جلس بجانب أمه ليسألها إن كانت ساعته مضبوطة فتشير إلي قائلة: انظر إلى ساعة الحائط إنها مضبوطة تماماً





وقتها أحسست بالفخر والفرحة بالثقة التي توليني إياها تلك الحنونة .. آه ما أجمل الوفاء





ما زلت أنا ذلك الشيء الذي ينظر إليه الجميع صباحاً وهم على مائدة إفطارهم .. وينظرون إليه ليلاً وقد انفضوا إلى غُرف نومهم





ما زلت أنا ذلك الشيء الذي يسرق النظرات حتى من الضيوف القادمين لزيارة ٍمسائيةٍ





وما زلت أنا الساعة العاشرة التي تبكي أمامها الصغيرة قائلةً:

أتركوني أسهر معكم .. أريد مشاهدة التلفاز .. لمَ علي النوم باكراً حتى في الإجازة ؟





وما زالت الحنونة تقف أمامي بلباس سهرة جميل وكأنها تستشيرني إن كانت تستطيع الخروج .. تنظر إلي ثم تنظر إلى فستانها الأسود الملكي رغم أنها تلبس ساعة ألماس جميلة في معصمها









وما زال الأب متواصلاً معي في موعد كلِ صلاة .. وكأنه يقرأ في عقاربي موعد خطواتٍ مباركات





وتمر الأيام وكأنهن خطواتي





وتمر السنوات وكأنهن بناتي





ورغم أنه لا تبدو على وجهي آثار السنون إلا أنني ثقلت في مكاني كلما رأيت ثقل أعينهم وقلة نظراتهم إلي





.

.

.

أنا شيء معلقٌ

.

.

.

للزينة!





هذا ما اكتشفته في الآونة الأخيرة .. فما أنا برشاقة تلك الأجهزة الرنانة في أيديهم ولا بخفة دم التلفاز الذي يعرض الكارتون لأطفالهم

ولا أنا عذب الحديث كالراديو

ولا أفهم بالتواصل كجهاز الكمبيوتر الذي تحتضنه سررهم





أنا شيء معلقٌ





من الماضي وحاضرٌ في زاوية النسيان السرمدية





حتى الحنونة تقلب جوالها وتضبط المنبه وتبتسم للمحادثات فيه .. وحتى الأب يُخرج الجوال من جيبه لينظر إلى مواقيت الصلاة وإلى مواعيد الدوام والنوم وغيره





أنا الساعة الثانية عشرة هي أكبر أرقامي





فلم يعد لدي المزيد لأضيفه في الألفية الثانية بعد الميلاد غير الانتظار الممل





أنا شجرة الزمن التي طارت عنها العصافير .. في خريف عمرها البارد





أنا الساعة الثانية عشرة ليلا في شتاء عاصف





أدور حولَ نفسي كدوران الأرض حول نفسها .. وأشاهد بصمت مطبق .. لولا وقع خطوات عقاربي الذي يمزق السكون





أنا شيء ...

.

.

.

يتبع


توقيع ملح محلى(أم عبدالملك)
(اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين)

هل تقع الرؤيا على أكثر من معنى؟

التعبير والتشبيه

حفظ الأسرار من آداب التعبير

أم عبد الملك







[/CENTER]